شرح التلقين (صفحة 2467)

لو كان حبسها أيامًا كثيرة كالشهر ونحوه، على ما وقع في بعض الروايات، أو يُحَدّ الأمد بكونه مما تختلف فيه الأسواق، على ما وقع في رواية أخرى، فإنه يضمن قيمتها وإن ردّها سالمة. وهذا لِأجْل كونه حبسها على أسواقها، ومنع ربها من المنفعة بها. وخص في المدولْة هذا الحكم بتعدي المكتري والمستعير، ولم يذكر ذلك في الغاصب إذا ردها بعد زمن كثير وهي سالمة، فإنه قال: لا تلزمه غرامة القيمة.

واحتج ابن القاسم إلى إلزام الغاصب الغرامة، ولكنه لم يلتزم ذلك كراهة في مخالفة مالك.

والفرق عند مالك بين الغاصب والمكتري أن مقصود الغاصب ملك الرقبة لا تملّك المنفعة، فلم يضمَّن القيمة بحرمان ربها منفعتها، ومقصود المكتري والمستعير غصب المنفعة، ومن جملة المنافع بيعها إذا شاء ربها، وقد منعه، بحبسها، من هذه المنفعة، وهي مقصودة، فضمن ما منعه من ذلك. كذلك لو تعدى المكتري على الدابة في المسافة فإن المعتبر، في تضمينه قيمتها إذا ردها سالمة، ما اعتبرناه في تعديه في الزمان. فإن تعدى مسافة طويلة منع بذلك ربها من أسواقها، ضمن قيمتها إذا شاء ربّها. وإن تعدى مسافة يسيرة لم يكن لربها أن يُضمِّنه القيمة إذا ردّها سالمة، والعلة في تعدي المسافة، إذا كثر وبعد، كالعلة في تعدي الزمان إذا طال وكثر.

ولو غصب الدابة في أمد التعدي، فإنه يضمن قيمتها طال زمن التعدي أو قصر. وكذلك إذا طالت مسافة التعدي، أو ققت حتى يولغ (?) في ذلك، فقيل: ولو تعدى بها خطوة. وخولف بين تعدي المسافة المحدودة أو الزمن المحدود، إذا وقع الغصب في أمد التعدي، بينه وبين التعدي في زيادة العمل المشروط، فقيل: إذا اكترى دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة، فحمل أحد عشر قفيزًا، فإنه يعتبر مقدار ما زاد، فإن كان يعطب في مثله ضمن قيمتها، وإن كان لا يعطب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015