عَدَن، وأوصلها إلى جُدة، وأنفق في ذلك مائة دينار أن لربّها أن يكلّفه ردّهالأوله أن يأخذها بعينها. قال: ولو كان نَقلها بوجه شبهة وقيمتها، حيث وصلت، أكثَر من قيمتها في المكان الذي منه نقلت، فإن ربها إذا أراد أخذها كُلِّف أن يدفع إلى حاملها الأقل من كرائها، وما زاد في قيمتها. وفي كتاب ابن حبيب فيمن استؤجر على حِمْل ينقله لبلد آخر، فنقل غيرَه غلطًا، أنّ لصاحب الشيء المنقول تضمينَ الناقل وأخذ ما نقله بعد أن يؤدي الكراء عند ابن القاسم، ولا يلزمه أن يؤديه عند أشهب، ولا يُجبَر الحمالُ أن يردّه إلى المكان الذي منه نقله.
والجواب عن السؤال السادس أن يقال:
مما يحدثه الغاصب فيما غصبه هبة الشيء المغصوب، فإن مالك الشيء المغصوب إذا وجده في يد الموهوب له، ولم يتغير في سوق ولا بدن، فإن له نقض الهبة، وأخذ عين ماله لا شيء له غير ذلك. وقد كنا قدمنا النظر في تخريج في هذا في مسألة بيع الغاصب لما غصبه، فوجده مالكه في يد مشتريه قائمًا لم يتغير في بدن ولا سوق.
وحكم الموهوب له في هذا الوجه كحكم المشتري إذا اشترى من الغاصب. لكن لو تغير الشيء الموهوب في يد الموهوب له تغيّرًا يوجب القيمة على الغاصب لكان له المطالبة بذلك.
وقد قال ابن القاسم، فيمن أعار ثوبًا غصبه فلبسه المستعير لباسًا يُنقصه به، فإن لصاحب الثوب أن يغرّم الغاصب قيمة العيب الذي أحدثه الموهوب له، ويأخذ عين شيئه ناقصًا. وإن وُجد الغاصب فقيرًا كان له أن يأخذ عين شيئه، ويرجع بقيمة النقص على الموهوب له الذي أحدثه.
وقال أشهب وسحنون: ليس له تغريم الغاصب ما نقص، وإنما له تضمينه القيمة يوم الغصب يغرم ذلك الغاصب. وهذ ابن اءً على أصولهما واختيارهما في أن من ملك أن يضمّن العَين فاختار أخذها بعينها فليس له المطالبة بما نقص منها.