شرح التلقين (صفحة 2458)

أشهب أنه يمكّن صاحب الطعام من أخذ عين طعامه، أنكر هذا وقال: هذا خلاف الرواية, وإنما له مثل طعامه بالبلد الذي غصبه فيه فإن يكن مذهب سحنون أن الطعام والعروض والحيوان ليس له إلا أخذ عينه، كما قال مالك في الحيوان، صارت المسألة على أربعة أقوال تفصيل مالك للأحكام على ثلاثة أقسام وثلاثة أقوال، أخذ كل صاحب مذهب فيها بما حكم به مالك في قسم من الأقسام الثلاثة.

والنكتة التي تدور عليها هذه المذاهب أن من رأى أن اختلاف البلدان كاختلاف الأسواق لم يقض إلا بعين الشيء المغصوب ولو نقِل.

ومن رأى ذلك كفوات العين بالكلّية قضى بما قاله ابن القاسم.

ومن رأى ذلك كعيب في الذوات المغصوبة خيّره كما قال أشهب.

وإذا قلنا بأنه له أن يأخذ عين الشيء المغصوب فقد قيل في مذهب أشهب إنه يأخذه ولا كراء عليه ولا نفقة. والمطالبة، إذا أخذ العين، بالكراء والنفقة يجري على القولين فيما أحدثه الغاصب مِمّا لا يتميز ولا ينفصل وليس بعين قائمة، كتزويق الحيطان وتبييضها، والسقي والعلاج، فإن المذهب على قولين في المطالبة في النفقة في هذا إذا أخذه صاحبه.

ولو غصب الغاصب هذا الطعام ونقله ثم باعه بعد نقْله، فأراد صاحب الطعام أن يجيز البيع، ويأخذ الثمن، فإنه لا يمكن من ذلك على ما قاله مالك.

وهذا واضح على أصله لأنه لما أسقط صاحب الطعام حقه في أخذ عينه لم يكن له أن يأخذ ثمن العين إذا بيعت. وأما على الطريقة الأخرى، وهي القول بأن له أن يأخذ عين الطعام، فإنه له أخذ ثمنه. وكذلك منعه مالك أن يأخذ طعامًا خلاف الطعام المنقول، ورأى أنه بيع طعام بطعام مؤخَّر، لما كان الحكم عنده تضمينَ الغاصب الطعام بالبلد الذي غصبه فيه. ولو أراد صاحب الشيء المغصوب أن يكلف الغاصب ردّه إلى حيث غصبه لم يكن له في المشهور من المذهب: لكن المغيرة ذكر عنه في كتاب المجموعة، فيمن غصب خشبة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015