ولو وجد مالك الشيء المغصوب ما غصب له قد هلك، بأن يكون طعامًا أكله الموهوب له، أو ثيابًا لبسها حتى أبلاها، فإن لربها أن يطالب بالواجب له في ذلك، فإن كان الموهوب له ذلك عالمًا بأن الذي وهبه غاصبًا (?)، فحكم الرجلين حكم واحد، وهما غريمان لصاحب المال المغصوب، يطلب أيَّهما شاء بعوض ما استُهلك له. وإن كان الموهوب له فعل ذلك ظنًا منه أن الواهب وهب له إنما (?) يملكه، فعلى من تكون المطالبة له؟ هذا فيه ثلاثة أقوال: مذهب ابن القاسم أن غرامة عوض ما استهلك من ذلك على الواهب، إن كان مليًّالأولا مرجع للغاصب على الموهوب له بشيء مما غرم؛ لأنه غرّه وسلّطه على أكل الطعام ولبس الثياب على ألا عوض عليه، فكأنه التزم الغرامة عنه لصاحب المال. وإن كان فقيرًا رجع على الموهوب له لأنه أتلف مال هذا الطالب غلطًا منه (على ماله) (?) ولم يؤذن له في إتلافه من قبل مالكه، ومن أتلف مال غيره غلطًا فإنّه يغرمه.
وفي كتاب الاستحقاق، لغير ابن القاسم، أن الطالب إنما يبدأ بتغريم الموهوب له؛ لأنه هو المنتفع بالمال. وقد يكون صونه (?) به ماله فصار لأجل ذلك كالباقي في يديه، وإذا كان كالباقي في يديه، فيه (?) يبرأ من الغرامة.
ومذهب أشهب أن الطالب بالخيار، يبدأ بغرامة الغاصب إذا شاء، وإن شاء بدأ بغرامة المتلِف لما وُهب له، كما بو كان الموهوب له عالمًا بالغصب وغلطُه لا يدفع عنه وجوب الغرامة عليه. وهو اختيار ابن المواز وسحنون.
ولكن أشهب قال: يَطلب الغاصبَ بالقيمة يوم الغصب أو يطلب الموهوب له بالقيمة يوم إتلافه ما أتلف.