والقول الثالث ما ذهب إليه ابن القاسم وهو المساواة في هذه الثلاثة أقسام في الحكم، فمنعه أن يأخذ الشيء المغصوب وقضى له بما تجب عليه لو كان باليلد المغصوب فيه واستهلك الغاصب ما غصب، فإنه يجب عليه مثل الطعام الذي استهلك، وقيمةُ الحيوان والعروض الذي استهلك، فكذلك ها هنا يقضى على هذا الغاصب بمثل الطعام الذي غصبه ونَقله، وتستوفى منه القيمة بالبلد الذي وقع فيه الغصب للحيوان والعروض، ويؤخذ بذلك الغاصب حيث لقيه صاحب المال. فأجرى جميع الأقسام على الحكم الذي ذكره مالك في الطعام.
والقول الثالث، وهو الذي ذهب إليه أشهب، وهو إجراء جميع الأحكام على حكم واحد، ولكنه الحكم الذي حكم به مالك في العروض، بجعل صاحب الشيء مخيّرًا بين أن يأخذ عين الطعام المغصوب والحيوان أو العروض، أو يعدل عن ذلك إلى تغريم الغاصب القيمة، قيمة ما غصب بالبلد الذي وقع فيه الغصب، لأخذه بالقيمة حيث لقيه. وذكر في الطعام أنه يحال بينه وبين الطعام حتى يصل صاحب الشيء المغصوب.
وهكذا في الموازية أنه يتوثق لصاحب الشيء المغصوب من حقه إذا منع من أخذ الطعام بعينه.
وذهب سحنون إلى المساواة بين العروض والحيوان وأجرى عليهما الحكم الذي أجراه مالك في الحيوان، فقال: ليس لصاحب الشيء المغصوب، من حيوان أو عروض، إلا أخذ عين شيْئه إذا لم يتغير. وما أدري ما يقول في الطعام: هل يجريه هذا المجرى؟ وقد وقع له ما يدل عن ذلك إلا أنه أشار إلى أن اختلاف البلدان يجري مجرى اختلاف الأسعار، والغاصب لا يضمن الشيء المغصوب بتغير سوقه وإنما يمنعه (?) بتغير عيْنه.
وهذه الإشارة تقتضي ألاّ يكون إلا أخذ الطعام بعينه. لكنه لما ذكر مذهب