ويرى أشهب إذا بَعُد ما بين البلدين أن يقضى لصاحب الطعام بقيمته بالبلد الذي غصبه فيه يأخذ ذلك حيث لقيه؛ لأن الدنانير والدراهم لا تختلف الأغراض فيها باختلاف البلدان، أو يقضي للطالب بمثل طعامه إذا كان سعر الطعام بالبلد الذي تلاقيا وبالبلد الذي غصب الطعام فيه سواءً، أو كان حيث تلاقيا أرخص. يقضى بهذا التسعير لصاحب الطعام ليُرفع عنه مضرة فا (?) استحقه، ولكون الغاصب لا يناله ضرر مع تساوي الأسعار وكون السعر بالبلد الذي تلاقيا فيه أرخص. واختلافهما في هذا كاختلافهما فيما قدمناه إذا وقع الطلب بالبلد الذي وقع فيه الغصب ولم يوجد مثل الطعام.
وأما لو نقل الغاصب الطعام إلى غير البلد الذي غصبه فيه، فتلاقيا، الغاصب وصاحب الطعام، بالبلد الذي نقل إليه الطعام، فإن مالكًا رضي الله عنه سَهم (?) فيه الأموال المغصوبة على ثلاثة أقسام، ورخص (?) كل قسم منها بحكم من الأحكام:
ففي العتبية والمجموعة من رواية سحنون عن ابن القاسم عن مالك أن الشيء المغصوب إن كان طعامًا كان القضاء للغاصب (?) بمثل الطعام بالبلد الذي وقع فيه الغصب، ليس له إلا ذلك. وإن كان الشيء المغصوب حيوانًا عبيدًا أو دورًا فليس له إلا ما غصب من الحيوان إذا لم يتغير في بدنه. وإن كان المغصوب عروضًا فصاحبها بالخيار بين أن يأخذها بقيمتها (?)، أو يَعْدِل عنها إلى تغريم الغاصب قيمتَها بالبلد الذي غُصبت فيه، يأخذه بذلك حيث لقيه.
وهذا قول مالك في ترتيب هذه الأحكام على ثلاثة أقسام.