فلو كان المشتري هو الذي أفات ما اشترى على وجه ينتفع به، كطعام أكله، أو ثوب لبسه، باعه منه غاصب، فإني لصاحب الطعامِ والثوب أن يغرِّما المشتريَ عوض ما انتفع به من مالهما: إما المثل فيما يُقضى فيه بمثله، أو القيمة فيما يقضي فيه بالقيمة.
وإن كان لا منفعة له فيما أفات، لا مِمّا اشتراه، كعبد باعه منه غاصب، فقتله المشتري عمدًا، فإن لسيد العبد أن يغزم المشتريَ قيمتَه لكون متعديًا في القتل فاعلًا لما نهى الشرع عنه، فكان لمالك العبد طلبُه بما أتلفه عمدًا.
وأما إن أتلفه خطأ، مثل أن يريد ضرب شيء فغلط فأصابت ضربته العبد الذي اشتراه، والخلاف في هذا مبني على ما قدمناه من أن الخطأ والعمد في أموال الناس سواءٌ، يوجب الغرامةَ، إلا أن يكون المتلِف مأذونًا له من المالك، أو من الشرع في التصرف فيما أتلفه خطأ، فإن في ذلك خلافًا: هل يستوي فيه الخطأ والعمد أم لا؟
وإذا طلب سيد العبد المشتريَ قيمة ما أتلف، وكان يوم التَلاف يساوي خمسين دينارًا، فأخذها سيد العبد من المشتري، فهل يعد ذلك كأخذ عين العبد من المشتري، وهو إذا أخذ عين العبد من المشتري فقد اتُّفق على أنه يرجع المشتري على من قبض منه الثمن، وهو الغاصب، بجميع الثمن، أو يقال: إن أخْذ القيمة من بذل (?) جنايته، ولا يحل ذلك محل أخذ عين العبد، فيقدّر أن ذلك كموت العبد في يد المشتري، وهو لو مات في يديه لم يرجع على الغاصب من الثمن بشيء مما دفع إليه (ها هنا القيمة بحكم الجناية والمطالبة له على الغاصب إلا بمقدار ما أدخله فيه من خسارة) (?)، وهي طلب القيمة منه، إذ لو لكان العبد المقتول مالكه لا يستحقه أحد فقتله. فإنه لا مطالبة عليه بثمنه ولا قيمته، وإنما طولب ها هنا بقيمة العبد الذي قتله بسبب تغرير الغاصب به بأن باع