شرح التلقين (صفحة 2445)

شيئًا لا يملكه، حتى أوجب عليه غرامة لمالكه. هذا فيه قولان بين ابن القاسم وأشهب:

فمذهب ابن القاسم أن مطالبة المستحق للمشتري بقيمة العبد الذي قتله تحل غرامتُها محلَّ عين العبد الذي قتله المشتري. وقد اتُّفق على أن أخذ عين من يد مشتريه يوجب له رجوعه بجميع الثمن على الغاصب الذي باع منه العبد، فكذلك إذا أُخذت منه قيمة العبد فلا يخسر سوى الخمسين دينارًا، وقد رجعت إليه لما أخذ من الغاصب جميع ثمنه الذي كان دفعه إليه.

ومذهب أشهب أن البيع لا ينتقض، ولكن يبقى حق مالك العبد، إذا أخذ قيمته من المشتري، في مطالبة الغاصب ببقية ثمن عبده، فإن كان الغاصب باع هذا العبد من المشتري بمائة دينار فإنّ لِسيد العبد، إذا أخذ من المشتري الخمسين دينارًا التي هي قيمة المقتول، أن يرجع على الغاصب البائع ببقية الثمن، وهو الخمسون الباقية؛ لأنه قد كان له أن يجيز البيع ويأخذ الثمن من الغاصب، كما قدمناه، وليس عدوله عن ذلك إلى أن أخذ من المشتري خمسين دينارًا بالذي يسقط حقَّه من طلب الثمن، ولا يقدَّر أنه لما طلب المشتري بالقيمة كأنه أبرأ الغاصب من بقية الثمن، كما سيرد ذلك في قتل رجل عبدًا في يد غاصبه. ولو كان هذا العبد المقتول قيمته يوم غصبه الغاصب مائة دينار وعشرون، وباعه الغاصب من هذا المشتري الذي قتله بمائة دينار وقتله المشتري وقيمته خمسون دينارًا، فإن مذهب أشهب، على ما أصلناه، تمكين سيد العبد من تغريم الغاصب سبعين دينارًا بقية تمام قيمة العبد يوم غصبه الغاصب، وقد كان أخذ سيد العبد من المشتري خمسين دينارًا قيمة عبده، فبقيت له من قيمته يوم الغصب سبعون دينارًا فيأخذها من الغاصب.

وأما إذا باع الغاصب ما غصبه، من عرض أو حيوان أو غير ذلك، ثم اشتراه من مالكه الذي غصبه منه، فأراد أن ينقض ما كان عقد فيه من بيع، ويأخذه من الذي كان اشتراه منه، فإنه لا يمكّن من ذلك، كما ذكره في المدونة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015