طلبه قيمةَ ما فات عند المشتري من الغاصب. تقوّم السلعة يوم الغصب، أو يوم باعها، على ما حكيناه عن بعض أشياخنا من كون البيع تعديًا ثانيًا، وتعقبناه. وهل له أن يطالب المشتري من الغاصب لما قد فات في يد المشتري؟ لا يخلو من قسمين:
أحدهما: أن يفوت ذلك بيد المشتري بأمر لا صنع للمشتري فيه، مثل أن يكون عبدًا قد مات في يد المشتري، فإنه لا مطالبة على المشتري بثمنه ولا قيمته لكونه يعتقد إباحة ما فعل من الشراء.
وكذلك أيضًا لا يكون للمشتري مطالبة على الغاصب الذي باع منه بالثمن الذي دفع إليه؛ لأنه، وإن لم يضمن الموت لصاحب السلعة المغصوبة، فإنه لا يضمن له الغاصب الثمن، لكون الذي باع منه قد حصل له، ولم ينتقض عليه البيع فيه بأخذ عين العبد من يده، ولا غرامة لقيمته، فأشبه موتَ العبد في يديه، ولم يستحق، ولم يأت مستحق مستحقه. لكن لو كان العبد الذي مات في يديه انكشف أنه حرّ باعه منه رجل، فإنه يرجع ها هنا بالثمن على البائع منه؛ لأنه أخذ ثمنًا عمّن لا يصحّ أن يكون مثمونًا لآخر؛ بخلاف أن يُكشَف كون العيد الذي مات مملوكًا لغير من باعه منه.
ولو انكشف أنه ليس بصريح في الحرية، ولا صريح في الملك والرق، بل فيه عقد حرية مثل المعتَق إلى أجل، وأم الولد، والمدبَّر، والمكاتَب فإن الحكم يفتقد في هؤلاء الأربعة، فمن كان منهم لا يترقَّب عودةً إلى الرق على حال، بل قطع على أنه سيسري به العقد الذي فيه إلى الحرية إن لم يخترمه الأجل، كأم الولد والمعتَق إلى أجل، فإن ذلك يلحق بالحر الصريح، فيرجع المشتري على من باع منه بما دفع إليه من الثمن في موت أم الولد والمعتق إلى أجل، وهما في يديه ولا يرجع بالثمن في المدبَّر ولا المكاتَب لكونهما يترقب رِقُهما بأن يعجز المكاتب، فيصير رقيقًا يصح بيعه، وكون المدبر قد يموت سيده فيباع في دين عليه. وأُجري عليهما ها هنا حكم الرق الصريح.