وقد قال بعض الأشياخ: إن هذا الاختلاف الذي وقع لابن القاسم وغيره في المدونة في هذه المسألة إنما محله على أنهما فعلا ذلك ولم يشترط المكاتب تعجيل عتقه، ولا اشترط السيد بقاءه حتى يقبض ما أحاله عليه، فهاهنا يختلف ابن القاسم وغيره. وأما لو اشترط تعجيل العتق لم يختلف ابن القاسم وهذا الغير المذكور في المدونة في جواز ذلك. وإذا اشترط تأخير العتق حتى يقع القبض فلا يختلفان أيضًا في منع ذلك، وإنما اختلافهما مع الإضراب عن اشتراط تعجيل العتق أو تأخيره. وقد قدمنا نحن الاختلاف في تحويل الكتابة على وجه لا يجوز بين الأجنبييْن مع عدم اشتراط تعجيل العتق.
فإن كان الغير المشار إليه في المدونة من الذاهبين إلى منع هذا مع عدم اشتراط تعجيل العتق فالذي حكيناه عن بعض الأشياخ أنهما لا يختلفان في المسألة إذا اشترطا تأخير العتق، صحيح، على ما ذهب إليه. وقد ذكر في المدونة فيمن اكترى دارًا وأحال بالكراء على رجل آخر لا دين له عليه: أن رب الدار لا يطالب المحال عليه بالكراء إلا بعد أن يتعذر أخذ الكراء من المكتري.
وقد كنّا نحن قدمنا أنه وقع في المدونة لفظان: أحدهما يدل على أن الحوالة إذا كانت على غير دين فان البداية بالمحال عليه لأجل اتباع لفظ الحوالة وما اشتقت منه، على ما تقدم بيانه. واللفظ الآخر يدل على أن لفظ (?) مطرح، وإنما المطلوب المعاني فإذا كانت الحوالة على غير دين فإنما هي حمالة، وتسمية الحوالة لا تغير حكم الحمالة المطلقة، وفيها قولان: هل يبدأ بالغريم أو يكون المتحفل له بالخيار بين أن يبدأ بالغريم أو بالحميل؟ وكذلك اختلف إذا اشترط التبدئة بالحميل هل يوفَى بالشرط، على ما تقدم في كتاب الحمالة، أم لا؟ وحمل بعض الأشياخ ما وقع في المدونة في هذه المسألة من أن رب الدار إنما يبدأ بالمكتري، فإذا عجز المكتري طلبه المحيل (?). على أن هذا الشرط