شرح التلقين (صفحة 2401)

وإذا تقرر هذا فإن المكاتب إذا آحال سيده بنجم حلّ عليه على دين له ثابت على رجل أجنبي فإن ذلك جائز، وَيبرَأُ المكاتب من هذا النجم، ويتبع سيدُه المحالَ عليه، فلس أو مات أو لا مال له، كما قدمناه في حكم الحوالة.

وإن كان النجم لم يحل فإن ذلك لا يجوز لما قدمناه أيضًا في شروط جواز الحوالة وأن من شروطها أن تكون الحوالة بما حل على ما حل أو ما لم يحل.

وهذا على أحد القولين في المعاوضة بما لا يجوز بين الأجانب هل يجوز فيما بين السيد ومكاتبه إذا لم يشترط تعجيل العتق، كما بيناه وبينا وجه الخلاف فيه.

ولو كانت نجوم المكاتب لم تحلّ فأحال بجميعها على رجل له عليه دين ثابت، فذكر في المدونة عن ابن القاسم أنه منع ذلك وقاسه على ما سمعه من مالك من أنه منع أجنبيًا أن يشتري كتابة مكاتب بما لا يجوز.

وقال غيره: بل جائز، وهو كمن قال لعبده: إن جئتني بمائة دينار فأنت حر ثم قال له: إن جئتني بألف درهم فأنت حرّ. وأشار الغير بهذا التشبيه إلى أن العتق إنما وقع بما يستقر الأمر عليه في آخر ما يعاقد السيد عليه مكاتبه.

وقد عارض بعض الأشياخ تشبيه ابن القاسم هذه المسألة بما حكاه عن مالك من منعه الأجنبي أن يشتري كتابة المكاتب على وجه لا يجوز، بأن ذلك إنما منعه مالك لأنها معاوضة بين أجنبيين لا تعلق لملك أحدهما بالآخر، وهاهنا وقعت المعاوضة بين السيد وعبده، وقد قدمنا أن مكاتبه وما في يديه كأنه في حكم ما يملك.

وما أرى عذر ابن القاسم عن هذا إلا أنه لما كانت ها هنا الحوالة بكتابة لمكاتب أجنبي، والمحال الذي هو سيد المكاتب، والمحال عليه، أجنبيان لا تعلق قال أحدهما بالآخر، صار المحال عليه لما قبل الحوالة عليه على هذه الصفة، والمحال أيضًا تحول على أجنبي لا شبهة له في ماله، صار ذلك كشراء أجنبي مكاتبة عبدٍ على وجه لا يجوز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015