الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (?) وبقوله تعالى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (?). وهذا الاستدلال لا يستقل بمجرّده. لأنّ قصارى ما فيه الأمر بردّ الوديعة. وردها غير قبولها. ويصح أن يؤمر بردّ ما قبوله حرام. لكن ترك التعرض لذكر أصل الإيداع يقتضي كونه غير محرم. إذ لو كان حرامًا، لنبه عليه. وكذلك قوله تعالى في الأوصياء {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (?) ومال اليتيم في يد من يليه على جهة الأمانة والإيدل وفيه أيضًا ما ذكرناه من كونه أمَر بردّ الوديعة.
وأمّا قوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} (?). ففيه إثبات الوكالة. والم الذي يد الوكيل على جهة الإيداع. لكن قصارى ما في هذا أنّ أصحاب الكهف الظّاهر من حالهم أنّهم ما فعلوا ذلك إلاّ وهو مباح في شرعهم. وفي الاستدلال بشرع من كان قبلنا خلاف بين الأصوليين.
ولمّا ذكرنا إباحة الإيداع من حيث الجملة، فمن شرط الإباحة أن يكون قابض المال على جهة الإيداع مأمونًا عليه. وأمّا إن كان الغالب منه أنّه لا يوفي بأمانته ولا يرده إلى صاحبه، إمّا بجحوده إيّاه وإمّا بدعوى ضياعه، فإن هذا لا تصحّ فيه الإباحة، إمّا لكون اليمين تلزمه فيحلف كاذبًا فيكون دافع الوديعة سببًا في حمل هذا على ما لا يحلّ من اقتطاع حقّ مال مسلم بيمينه. على أن هذا التّعليل قد يعترض لكون البياعات تصحّ بغير شهادة عمومًا في سائر النّاس. وإن كان الإشهاد يستحبّ، وتركه مكروه ولكنّ الكراهة تتقاصر عن التّحريم. وأيضًا فإنّ البياعات تدعو إليها الضّرورات في المعاملات. وقد لا يربح البائع إلاّ في معاملة غير ثقة بخلاف الإيداع. وقد عُلّل هذا الاشتراط بأن في إيدل مَن الغالب أنّه لا يردّ الوديعة إضاعة المال. وقد نصّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نص في البخاري ومسلم عن