على تأجيله من غير جنس القيمة الواجبة على المستهلك، لأنّ ذلك دين في دين. وأمّا إن كان اتّفقا على ما هو من جنس القيمة الواجبة، فإنّه إن كان ذلك يعلم أنّه مثل القيمة الّتي يقضى بها نقدًا أو أقلّ من ذلك، فإنّ ذلك سائغ، لكون من وجبت له القيمة سمح بتأخير ما وجب له. وهذا معروف، والمعروف لا يمنع منه. فأمّا لو كان التأجيل يعلم أنّه في أكثر من مقدار ما يجب من القيمة، فإنّ ذلك لا يجوز لكونه سلفًا جرّ منفعة. وذلك أنّ القيمة للسلعة المستهلكة إذا كانت عشرة دنانير مثلًا، فإنّ الواجب القضاء بها على المستهلك نقدًا. فإذا رضي صاحب السلعة المستهلكة أن يأخذ عن ذلك خمسة عشر مؤجّلة، فإنّ الغارم لذلك إنّما زاد خمسة دنانير ليؤخَّر بعشرة وجبت عليه. وهذا واضح تحريمه. ويجب أن يلتفت إلى عادة أهل البلد الذي استهلكت فيه، فتكون القيمة بما يتبايعون به هذه السلعة إن كانوا يتبايعونها بالدّنانير، أغرم المستهلك دنانير. وجرى تفصيل حكمها على ما قدّمناه في غرامة جنس القيمة.
وإن كانت العادة عندهم بيعها بالدّراهم، كان التقويم بالدّراهم، وجرى الأمر فيها على ما فصّلناه. فإن كان التّقويم بالدّنانير والاصطلاح على دراهم أو التّقويم بالدّراهم والاصطلاح على دنانير جرى الأمر فيها أيضًا على ما فصّلناه في المصالحة على غير الجنس.
ولو غصب عبدًا فأبق، لكان لصاحبه أن يغرمه قيمته. وله أن يعدل عن تغريمه القيمة، ويسقط حقّه فيها، ويطلب عبده الآبق. وقد قيل في هذا: لا يجوز المعاوضة عن هذه القيمة بأن يطلب الآبق لأنّه كبيع آبق بقيمة مجهولة.
والمشهور جواز ذلك وكون صاحب العبد مخيّرًا بين طلب عبده أو طلب قيمته. وقد انفصل عمّا أشار إليه أهل المذهب الشّاذ بأنّ الضّرورة تدعو ها هنا إلى المسامحة بغرر. لأنّا إن منعناه من طلب عبده فكأنّا أبحْنَا له أو ألزمناه أن يبيعه بقيمة مجهولة. وإن منعناه من أخذ القيمة، فإنه تركها لأمر مجهول أيضًا وهو الآبق، إذ لا يدري حاله حين هذه المصالحة مع أنّ غصبه وإباقه لا يسقط ملك سيّده عنه، والأصل بقاء ملكه عليه. وإنما الشّرع أثبت له حقًّا على