شرح التلقين (صفحة 2334)

صالحه عمّا وجب عليه من ذلك، ووجوب القيمة قد اتّفقا عليه، فإنّ ذلك يجري مجرى البيوع. وقد تقدّم فيما سلف من كتاب البيوع بيان ما يحلّ ويحرم في البيوع والمعاوضات. فإذا ثبت وجوب القيمة في هذه السلعة المستهلكة، فإنّه إن أخذ عنها عوضًا نقدًا، جاز ذلك. ولكن بعد المعرفة بمقدار القيمة الواجبة لأنّها في المبيعة بما أخذه صاحب السلعة المستهلكة. ولا يجوز لأحد أن يبيع شيئًا هو جاهل به. هذا إذا وقع البيع بجنس من الأعواض غير الجنس الّذي تقوَّم به السلعة المستهلكة. ويجب على من استهلكها أن يغرمه. وأمّا إذا أخذ من جنس ما تقوّم به السلعة المستهلكة، فإنّه إذا وضح عندهما أنّ المأخوذ أكثر من القيمة بالأمر البيّن أو أقلّ منها، فإنّ ذلك لا يمنع من التّراضي به، ولا يفتقر فيه إلى الوقوف على حقيقة القيمة، لأنّه ليس ها هنا معاوضة عن شيء فيفتقر إلى العلم بما وقعت المعاوضة عنه، وإنّما حصل من هذا أنّه قد وهب صاحب السلعة بعض ما يستحقّ من القيمة، أو وهب دافع القيمة أكثر مِمّا يجب عليه والهبة تجوز وإن كانت مجهولة.

وهكذا لو استهلك جزافًا، فإنّ الواجب فيه القيمة. ولا يجوز أخذ عوض عنه من غير جنسه إلاَّ بعد المعرفة بمقدار القيمة الواجبة فيه. وأمّا إذا أخذ من جنسه مثل أن يستهلك صبرة قمح فيأخذ من مستهلكها قمحًا أو شعيرًا أو سلتامكيلا، فإن وضح أنّ الّذي أخذ من ذلك يربي على مقدار الصبرة المستهلكة لو كيلت أو ينقص عنها, لجاز ذلك، لأنّ الأمر ينتقل ها هنا إلى غرامة مكيل من جنس المكيل الّذي استهلك. ويكون ما زاد على ذلك أو قصر عنه هبة، على حسب ما قلناه، وما تقدّمت الإشارة إليه في الصّبرة إذا علم كيلها وطلب ذلك صاحبها في أن يقدم له ما تحقّق أنّها لا تقصر عنه على حسب ما تقدّم بيانه في غير هذا الكتاب. وأمّا لو تراضيا في هذه الصّبرة على غرامة قمح أو شعير أو سلت يتحرّيان كونه موافقًا لمكيلة الصبرة، لم يجز ذلك، لما فيه من المزابنة والتّجويز للوقوع في الرّبا. هذا حكم ما يصطلحان فيه على النّقد.

وأمّا إن اصطلحا على التأجيل، فإنّ ذلك لا يجوز أيضًا إذا كان ما اتّفقا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015