المذهب فيه. وأمّا إن أشهد في السرّ أنّه يقوم بها إذا قَدِمت، ففيه قولان: هل ينفعه هذا الإشهاد كما لو أعلن به واشترطه، فيكون له القيام بهذه البيّنة إذا قدمت؟ أو لا ينفعه هذا الإشهاد في السرّ لكون المدّعى عليه مكّنه من التّصرّف في ماله على جهة المعاوضة؟ ولو علم بماه أودع من بيّنة أو أسرّها, لم يسلم إليه ماله، فلا يكون له القيام بالبيّنة، لأنّ تمكينه من القيام بها يوجب حلّ هذه المعاوضة. وقد قدّمنا أن الأصل في البياعات اللزوم والانعقاد. وقد ذكر ابن القاسم فيمن أخّر من له عليه دين بشرط أنّه متى ادّعى القضاء، لم يستحلفه، واصطلحا على ذلك، أنّ هذا الاصطلاح لا يلزم. ومتى ادّعى المديان القضاء، فإنّ له استحلاف الطالب له بالدّين. وكأنّه قدّر أنّ هذا شرط خلاف ما يوجبه الشّرع، فلم يوفّ له بشرطه.
وروي عنه أيضًا في الخصمين إذا اصطلحا على إسقاط البيّنة، أو على أنّ المدّعى عليه إن نكل عن اليمين، غرم من غير أن تردّ اليمين على المدّعي، فإنّ ذلك ماض. وهذا الشرط أيضًا من كون النّكول يوجب الغرامة من غير ردّ اليمين، خلاف مقتضى الشّرع في الدّعاوي المحقّقة لا في الدّعاوي المبنيّة على التّهم. وهذا إنّما يحسن النظر فيه إذا وقع الصّلح في هذا على معاوضة ..
وأما إن لم تكن معاوضة والتزم المدّعى عليه أنّه لا يردّ اليمين وأسقط حقه في ردّها، فإنّ هذا لا يختلف في جوازه، لأنه. إسقاط حقّ له على غير عوض، وهو كالهبة.
والجواب عن السؤال التّاسع أن يقال:
قد قرّرنا أنّ الصّلح على الإقرار بيع من البيوع، لا يختلف في ذلك. وأنّ الصّلح على الإنكار عندنا فيه قولان، والمشهور من المذهب أنّه أيضًا بيع من البيوع، لكون المدعي تتضمّن دعواه أنّ الّذي صالح عليه إنما أخذه على جهة المعاوضة، وإن كان المدّعى عليه ينكر ذلك. وقد تقدّم بيان هذا مبسوطًا.
فلو أنّ رجلًا استهلك لرجل سلعة، فإن الواجب عليه قيمتها، فإذا