شرح التلقين (صفحة 2283)

كونهما لم يقصدا إليها، واستحال البيع لكون من ادُعِي عليه في دار فأنكر، وصالح على عبد دفعه، فإن العبد لا يقابل الدار، لكون الدار والعبد جميعًا ملكًا لحائز الدار وباذل العبد، وهو لم يبذل العبد هبة فيجوز ذلك، ولا بذله عن معاوضة عوض بعوض آخر وأعطى فتصح المقابلة التي يتصور فيها حقيقة البيع.

فإذا استحال تصور الهبة والبيع استحال انتقال الملك واستحالة انتقال الملك ها هنا تتضمن استحالة الصلح على الإنكار. ولكن هذه الاستحالة في تقدير المعاوضة. والمقابلة إذا كانت من الطرفينا جميعًا واستحالت من جهة كل واحد من المتعاقدين فلا خفاء بامتناع هذا العقد وبطلانه، كمن باع ولده الحر بولد رجل آخر حر. فإن استحالت من أحد الطرفين دون الآخر فها هنا يقع النظر.

فواضح أن الذي في يده الدار وادُعي عليه فيها فأنكر الدعوى، ثم صالح عليها بعبد دفعه للمدعي، أن هذا من جهة المدعَى عليه في الدار لا يتصور فيه حقيقة البيع والمعاوضة، بأن يكون اشترى مالًا بعبد، ولكنها تتصور من الطرف الآخر، وهو جانب المدعي، والمدعي يعتقد أن الدار ملك له، وأن ملكه نقله عنها بعبد أخذه ممن في يده الدار. فهل يقدم ها هنا حكم الاستحالة على حكم الجواز، ويصير هذا العقد كالمستحيل من الطرفين فيبطل، أو يغلب حكنم الجواز على حكم الاستحالة فيجوز ذلك، ويصح العقد، كما يصح إذا كان جائزًا من الطرفين جميعًا؟ فمقتضى هذا منع الصلح على الإنكار في حق من غلب جانب الاستحالة على جانب الجواز، وجواز الصلح على الإنكار في حق من غلب جانب الجواز على جانب الاستحالة. وقد ناقض المغلبون لجانب الجواز على جانب الاستحالة المجيزون للصلح على الإنكار أصحابَ الشافعي المغلبين حكم الاستحالة على حكم الجواز بموافقتهم على أن من شهد على رجل أنه أعتق عبده ثم اشتراه منه، أن الشراء لا يبطل، وأنه يعتق علىْ مشتريه، مع كون هذه المعاوضة تستحيل من جهة المشتري الشاهد بالعتق، وَتَجوز من البائع المنكر للعتق. فكون هذا العقد لا يبطل ولا يفسخ يدل على أن الأصل تغليب الجواز على الاستحالة.

وهذا يجيب عنه أصحاب الشافعي بأن هذه الموافقة على هذه المسألة ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015