شرح التلقين (صفحة 2282)

وقال تعالى في الحكمين: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ الله بَيْنَهُمَا} (?).

وطلب كعب بن مالك من أبي حدرد، في حق له عليه، وارتفعت أصواتهما عند باب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخرج إليهما وقال: ضع الشطر (?). وهذا نوع من الصلح. وخرج - صلى الله عليه وسلم - لبني عوف ليصلح بينهم (?).

وأبين من هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلح جائز بين المسلمين، الأصلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا" (?). فأما تحليل الصلح فتبيين أمثلته: كمن صالح على دار ادعاها بخمر أو خنزير، أو غير ذلك مما لا تجوز المعاوضة به. وأما قوله: أو حرم حلالًا، فمثاله: أن يصالح عن هذا الدار -التي ادعى فيها- على أمة يشترط أن لا يطأها، أو ثوب يشترط أن لا يلبسه أو لا يبيعه، إلى غير ذلك من وجوه التحجير مع ما يدخل في هذا المعنى من تحريم المحلّل ..

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

اختلف الناس في الصلح على الإنكار، فأجازه مالك وأبو حنيفة، ومنع منه الشافعي. ونحن نوضح لك المعنى الذي أدى لهذا الاختلاف بعد أن تقدم لك مقدمة، عليها يعرض النظر في هذه المسألة.

فاعلم: أن إضاعة المال قد تقرر في الشرع المنع منها. كما تقرر أن حقيقة البيع نقل الملك بعوض. وأن الملك إنما ينتقل عن مالكه بأحد أمرين: إما عطية، وهو بذله بغير عوض لغرض صحيح، وهو طلب الأجر إن قصد الصدقة، أو المجازاة من الموهوب له بعوض آخر، أو بغرض صحيح ببذل المال له.

أو ينتقل الملك عن معاوضة وهي التي تسمى بيعًا.

والصلح على الإنكار لا يتصور فيه حقيقة الهبة لأنهما لم يقصدا إليها، وإنما قصدا إلى المعاوضة لعوض بعوض. فإذا امتنعت الهبة ها هنا تقديرًا لأجل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015