ولو باع الصبرة ميت غير استثناء، ثم أراد البائع أن يشتري منها شيئًا قبل أن يفترقا، وتناقدا الثمن، فإن ذلك يمنع منه مخافة أن يكونا عقدا على ذلك وأخرا إظهاره إلى بعد العقد، إلا أن يكون ما أراد أن يشتريه الثلث فأقل، فإن ذلك جائز؛ لأنهما لا يمنعان من هذا لو أظهراه حين العقد ولا يتهمان على كتمانه.
ولو كان الاشتراء لبعض الصبرة بعد أن تناقدا الثمن وافترقا، لجاز ذلك على الإطلاق من غير اعتبار بكونه ثلث الصبرة أو أقل أو أكثر، لكون العلاقة التي يوجبها البيع من التناقد والافتراق يرفع التهفة في بياعات النقود، إلا أن يكونا من أهل العينة فيتهمان على ذلك، كما يتهم أهل العينة في بياعات النقود.
وعلى هذا الأسلوب في الالتفات إلى التهم جرى الأمر في المذهب على إجراء التهم التي صورناها في بياعات الآجال ها هنا.
ولو بيعت الصبرة بثمن إلى أجل، ثم أراد بائعها أن يشتري شيئًا منها، فإن ذلك لا يجوز؛ لأن الذي اشتراه منها قد رجع إليه، فكأن البيع لم يقع عليه، وحصل من أمرهما أن البائع دفع دنانير نقدًا وطعامًا بثمن إلى أجل. ولو اشترى منها شيئًا على المقاصة من الثمن إذا حل الأجل لجاز ذلك.
ولو بيعت الصبرة بنقد، ثم اشترى منها شيئًا إلى أجل، لجرى الأمر فيها على ما كنا قدمناه في كتاب بيوع الآجال من اعتبار التهمة إذا كانت البيعة الأولى نقدًا والثانية إلى أجل، والمتبيعان ليسا من أهل العينة. وقد ذكرنا ما وقع في المذهب في هذا النوع من بياعات الآجال بما يغني عن إعادته ها هنا.
وقد علم من المذهب أن من باع نخلًا وفيها تمر لم يؤبر، فإنه للمشتري، ولا يجوز أن يستثنيه البائع. ولو وهب صاحب النخل هذه الثمرة قبل الإبار ثم أراد أن يبيع النخل خاصة، فإن ذلك يمنع منه، لأجل أنه يتصور فيه بيع نخل فيها تمر لم يؤبر، استثنى البائع الثمرة، لكون هذا قد تقدم زوال ملكه عن الثمرة بهبته لها فيكون العقد على النخل عقدًا عليها دون ثمرتها التي لم تؤبر وذلك كاستثنائه. ولم يلتفت في هذا إلى كون البائع حين البيع لا قدرة له على إدخالها