إلى أصل آخر، وهو النظر في المستثنى هل مشترى أو مبقى؟
فإن قلنا: إنه مبقى على ملك البائع، وكان البائع باع ما سواه، وهو اللحم، فإن على البائع السلخ ليتمكن المشتري من أخذ المبيع، كما قيل فيمن باع عمودًا عليه بناء، أو جفن سيف عليه حلية، فإن على البائع أن يزيل ماله من البناء على العمود، وماله من حلية على السيف، ليتمكن المشتري من قبض ما اشتراه.
وإن قلنا: إن المستثنى مبقى، وكأن البائع باعها بدنانير وبجلدها، فإن المشتري يقدر بائعًا للجلد وهو ما التصق باللحم، فيختلف على من تكون إزالته، هل عليه أو على البائع منه؛ كما اختلف فيمن باع صوفًا على ظهر غنم، أو ثمرًا في أغصان شجر، هل يكون الجزاز والجذاذُ على البائع أو على المشتري؟ وأما ما أشار إليه من حكينا قوله من الأشياخ: أن الإجارة تكون بقدر قيمة الجلد من قيمة الشاة، فإنه قد اختلف المذهب في الإجارة إذا كان العمل واحدًا في أموال رجال مختلفين والمال مختلف، هل تكون الإجارة على قدر أعمالهم، أو على المساواة؟ فكذلك ما نحن فيه.
وأما استثناء عضو معين، كالفخذ أو الذراع، أو غير ذلك من الأجزاء التي لها قدر وبال، فإنه ينبغي أن تجري على الأختلاف في استثناء الأرطال. فإن كان العضو المستثنى فيه أرطال كثير؛ لا يجوز استثناؤُها لحمًا في أصل البيع، فإنه يمنع.
وإن كانت قليلة فإنه يجوز. ويختلف في حد القليل على حسب ما قدمنا ذكره.
وأما الاستثناء من الصبرة جزءًا شائعا، فإنه يجوز باتفاق، قل الجزء أو كثر، كما قدمناه في استثناء جزء شائع من الشاة.
وأما استثناء قيل مقدر منها، فإنه إن زاد مقدار الكيل على ثلث جميعها، منع، لما نبهنا عليه من شدة الغرر في البيع إذا كان المستثنى كثيرًا. وإن كان مقدار ما استثني من الكيل ثلث جميعها فأقل، جاز ذلك.
فإن هلكت الصبرة قبل أن يقبض البائع منها ما استثناه، فإن هلاكها منهما جميعًا، يضمن مشتريها ما زاد على المستثنى، ويضمن البائع المستثنى. فأما