نذبحها. وقال الآخر: نبيعها. وقال الآخر: نتقاواها (?)، فإنهم إن كانوا اشتروها ليأكلوها فإن القول قول من دعا إلى الذبح. وإن كانوا تجارًا أو جزارين فالقول قول من دعا إلى بيعها عليهم ولا تلزم المقاواة لها إلاّ بالتراضي. فأنت ترى كون ابن الماجشون قضى ها هنا بالذبح إذا وقع الشراء عليه، ولم يقض به مالك فيمن اشترى الرأس، على ما حكاه مطرف عنه. فهذا يشير إلى كون المذهب على قولين في هذا، على حسب ما حكيناه من اضطراب الشيوخ فيما ذكره عيسى. فهذا الذي ظهر لي في الروايات مما تستند إليه أقوال الأشياخ.
فإذا تقرر حكم الاستثناء بجزء شائع، فإن الاستثناء بجزء معين لا يخلو من قسمين: أحدهما: أن يكون مغيّبًا كالجنين. والثاني: أن يكون مشاهدًا على الجملة غير مقدّر كالفخذ، أو مقدر كأرطال تستثنى من لحم الشاة.
فأما إن كان المستثنى جزءًا متميزًا من الجملة، وهو مغيب كالجنين، فإن ذلك لا يجوز عند مالك وغيره من فقهاء الأمصار. وأجازه ابن حنبل. وذهب الليث أيضًا إلى جوازه على ما سنذكر من مذهبه في ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقد احتج مالك في الموطأ على منع هذا البيع المستثنى فيه الجنين بأنه لا يدرى هل الجنين تام أم ناقص، حي أو ميت، ذكر أو أنثى، حسن أو قبيح؟ (?) مع كون ذلك ينقص من ثمن الأم. فأشار إلى كون هذا العقد يتضمن غررًا للجهل بحال الجنين، وتجويز أن يخرج على أحد الصفات التي ذكرناها.
وهذا التعليل إنما يصح على القول: إن المستثنى مبيع على الجملة، فيكون البائع الذي استثناه مشتريًا له باستثنائه، فيقتضي ذلك كونه اشترى جنينًا لا يعلم صفته، ويقدر أنه باع الأم بمائة دينار وبالجنين الذي استثناه وحقه أن يدخل في المبيع لو لم يستثنه. وأما على القول بأن المستثنى مبقًى، فإن هذا التعليل لا يتضح. لأنه أبقى على ملكه الجنين الذي استثناه، فالجهل بحاله