منهما على أنه لا يعلم مبلغ الجزء الذي يكون شريكًا به في هذه الشاة إلا بعد فض وتقويم. وقد منع في أحد القولين جمع سلعتين في البيع لرجلين، لكون كل واحد منهما لا يعلم مقدار ما يستحقه من الثمن الذي باعا به السلعتين. لكن قد يقال في هذا أيضًا. فإن استبقياها حية، والشركة فيها بالقيمة، فقد يتراضيان على خلافه، وإن لم يكن هو الحكم، ويذبحانها، فصارت الشركة على القيمة ليست بضربة لازب. فالجهالة ها هنا ليست بمتعين حصولها.
وقد ذكر مطرف عن مالك فيمن اشترى جزورًا وهو مريض، فاستثنى البائع رأسه، فأبقاه المشتري حتى صح، فإن المشتري لا يجبر على نحوه، ويكون عليه عوضه، كما يكون عليه عوض الجلد إذا استثناه البائع. قال: وإن باعه وهو صحيح، فأبقاه المشتري رجاء زيادة السوق فزادت، فإن البائع يكون شريكًا فيه بقيمة الرأس. فأشار بعض المتأخرين إلى إثبات الشركة ها هنا بقيمة الرأس. وهذه الإشارة قد تقتضي أيضًا، فيمن باع شاة واستثنى جلدها فامتنع المشتري من الذبح، أن البائع يكون شريكًا بقيمة الجلد.
لكن يقال ها هنا لم يطلق مالك الجواب بالشركة في القسمين، ولكنه أثبت الشركة بقيمة الرأس، إذا أخر المشتري الذبح وكان الشراء، والمبيع صحيح، وإذا كان المبيع مريضًا لم تثبت الشركة. بل أوجب عوض الرأس، وهو ما يعد كالمتنافي. لكن قد يقال: إذا كانت الشاة حين العقد مريضة لا كبير ثمن لها، كما قال في هذه الرواية, ثم صحت فإن ثمنها يرتفع ارتفاعًا كثيرًا لأجل صحتها، حتى يصير الرأس المبيع، وهو مريض، كأنه فاتت عينه وضمنه مشتريه. وبهذا علل في هذه الرواية؛ لأنه قال: إن مشتريها لما أخر الذبح حتى صحت صار ضامنًا لما استثناه البائع. وإذا كانت حين عقد البيع صحيحة ولم يتغير من حالها إلا زيادة السوق وانتقاله، فإن العين المبيعة والمستثناة باقيتان على حالهما لم يتغيرا، فكان من حق كل واحد منهما أن يتمسك بعين ما اشتراه فوجبت الشركة. هذا عندي أقصى ما يقال في هذه الرواية.
وقد قال ابن الماجشون، في ثلاثة اشتروا شاة ثم اختلفوا فقال أحدهم: