ابتداء، ويراه إذا وقع ماضيًا، بشرط أن يكون المشتري قد جس الشاة حتى علم مقدار سمنها أو هزالها، فينظر في ذلك الذي قال عيسى: إنه إذا بيعت الشاة على الذبح أنه يجوز استثناء جزء منها شائعًا، هل يكون الحكم ذبحها إذا دعا لذلك البائع أو المشتري، أو يكون الحكم التبقية؟ والذي نص عليه بعض الأشياخ أن الذبح لا يكون إلا بتراضيهما جميعًا، ومن دعا منهما إلى إبقائها حية لتباع عليهما إذا كرها الشركة فإنه يقضى له بذلك. وتوقف بعض الأشياخ في هذا، وترجح (?) فيه. فإذا قلنا: ان الحكم أن لا تذبح إلا بالتراضي، صح ما قاله عيسى بن دينار، ولم يقدح فيه بأن يكون شراء لحم مغيب. وإن قلنا: بما ترجح (1) فيه بعض الأشياخ أن الذبح يقضى به لمن دعا إليه، كان فيما قاله تعقب، لأنه يقتضي كون المشتري اشترى ثلاثة أرباع لحم شاة، وهي حية، والبائع اشترى لحم ربعها ابذي استثناه، إذا قلنا إن المستثنى مشترى. واشتراء اللحم المغب منهي عنه كما قدمناه. وإن كان هذا أخفض رتبة من شراء اللحم المغيب، لأن شراء اللحم المغيب لم يقع العقد إلا عليه، وها هنا وقع العقد على شاة حية.
وإن كان الحكم عند اختلاف الشريكين فيها أن تذبح، فإنه يجوز أن لا يدعو أحدهما إلى الذبح، ويتراضيا ببقائها حية، ولا يكون ذلك شراء اللحم المغيب ضربة لازب. فيقال على هذا: لا تعقب فيما قاله عيسى على الطريقتين جميعًا، سواء قيل: إن الحكمَ الذبحُ إذا دعا أحدهما إليه، أو الحكم استبقاؤها حية.
وهو الذي حكيناه من تنازع الأشياخ في هذا وقع في رواية المتقدمين من أئمتنا ما يشير إلى اختلاف في هذا الأصل. فقد نصوا على أنه من اشترى بدن شاة حية، واشترى آخر رأسها، فإنهما إن اختلفا في ذبحها أو استبقائها، كان القول قول من دعا إلى استبقائها. ويكونان شريكين فيها، هذا بقيمة الرأس، وهذا بقيمة ما سواه من البدن. ولا شك أن هذين المشتركين إنما اشتركا على الذبح، لأن اشتراء أحدهما الرأس يتضمن الذبح إذ لا ينفصل الرأس عنها وهي حية.
لكن تُتعَقب الرواية من طريق أخرى، وهي أن هذين المشترين دخل كل واحد