ملكها قبل العقد لم يصح بيعه لها. فمتى قدّر أنه باعها صار كمشتري الرقبة بدنانير وسلعة أخرى لا يملكها، وهذا العقد لا يجوز. قال: ولا يقدر أيضًا أنها باقية على ملك البائع لأن البائع لا يملك ما حدث في المبيع بعد العقد من منافع وهي وقت عقد البيع لم تُخلق فيقدر أن البائع ملكها وأبقاها على ملكه، وإنما هي حين العقد غير مملوكة للبائع لكونها حدثت في ملك المشتري ولا هي مملوكة للمشتري حين العقد لكونه لم يملك الرقبة التي حدثت فيها هذه المنافع. فإذا استحال تصور العقد عليها على الطريقتين جميعًا: أنها مبقاة على ملك البائع أو على أن المشتري اشتراها ثم باعها من البائع، لم يصح العقد، وإنما يصح الاستثناء فيما لولاه لدخل في البيع وهذه المنافع لا يصح أن تدخل في البيع لكون البائع لم يملكها قبل أن تخلق. فلما استحال حقيقة الاستثناء استحال حقيقة هذا العقد (?). فإذا تقرر حكم استثناء بعض المنافع، وهي أحد أقسام ما يستثنى فنتكلم على استثناء بعض أجزاء ذات المبيع.
والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:
استثناء بعض أجزاء ذات المبيع فإنه يكون استثناء بعض أجزائه على الشيوع، أو استثناءً لجزءٍ منه معين.
فأما الاستثناء لجزء شائع من المبيع، مثل أن يقول البائع للمشتري: بعتك هذه الشاة إلا ثلثها أو أكثر من الثلث أو أقل من الأجزاء التي ذكرناها، فإنه جائز. ولا خلاف في جواز الاستثناء لجزء شائع في الجملة. وقد قال عيسى بن دينار: إن هذا الاستثناء يجوز ولو بيعت هذه الشاة على الاستحياء.
وهذا الذي نبه عليه عيسى من حمل الرواية على جواز استثناء جزء من الشاة شائع على الإطلاق، وسوّى بين بيعها للاستبقاء أو للذبح، يفتقر إلى إسناده إلى مسألة أخرى. وذلك أنه قد علم أن ابن القاسم يمنع شراء أرطال لحم يسيرة من شاة، لكون ذلك شراء لحم مغيّب لا يحاط به. وأشهب يكرهه