الأسعار. على أنه قد ذكر في هذا أنه يمكن أن يكون النهي عن هذا المرادُ به ألا يغتر البدوي بما يقوله له السمسار، وإنما غرضه توفير الأثمان، وأن يبيع بثمن غال ليتوفر جُعْله، فإن الأجعال ربما كانت بقدر الأثمان. وقد أشار المروزي إلى الجمع بين المسألتين، بأن النهي عن التلقي لنفي المضرة، والنهي عن بيع حاضر لباد لئلا يقع الاستقصاء من السمسار الحضري. فكأنه يرى أن المراد بالنهي عن بيع حاضر لباد ألا يبالغ في الاستقصاء، لا على أن البدوي مغبون.
وذكر الطحاوي عن أبي حنيفة أنه يجوز التلقي للسلع إذا كان ذلك لا يضر بأهل البلدة لكون الأخبار تعارضت في هذا، فقال ابن عمر: كنا نتلقى الركبان نشتري منهم الطعام، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نبيعه حتى ننقله إلى سوق الطعام. وهذا يشير إلى جواز التلقي. فيحمل ما في حديث ابن عمر أن التلقي حينئذ غير مضر. ويحمل حديث النهي عن التلقي على أنه كان مضرًا لئلا تتعارض الأخبار وتتضادّ.
والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:
هل يفسخ بيع التلقي أم لا؟ فالمشهور من المذهب أنه لا يفسخ. روي ذلك عن مالك وغيره من أصحابه. وذهب ابن المواز وابن حبيب إلى فسخه إذا كان قائمًا. ولكنهما اختلفا في فسخه إذا غاب البائع.
فأشار ابن المواز إلى فسخه، فقال: يباع ذلك على الغائب. ومقتضى مذهبه أنه إذا بيع عليه كان الربح له والخسارة عليه، لكونه يراه كالبيع الفاسد، والبيع الفاسد، إذا بيعمت السلعة على بائعها، كان له ربحها وعليه خسارتها.
ورأى ابن حبيب أنه إذا فات الفسخ بغيبة البائع، فإنها لا تنزع من يد المشتري إذا كان لم يعتد ذلك، وإن كان اعقاله نزعت من يده، وبيعت، وأشرك أهل السوق فيْ ربحها إذا شاؤوا، وإن لم يريدوا أخذها تركت له. وإن كانت السلعة لا سوق لها وقفت لسائر الناس وإن لم يوجد من يشتريها تركت له. فكأنه رأى