شرح التلقين (صفحة 2224)

ولكن إذا كان اللبن الذي صُرّيتْ به للبائع، فهل يجب رده بعينه أم لا، إذا قام المشتري بعيب التصرية بفور حلاب أم لا؟ ذهب بعض أشياخي إلى أنه يرد بعينه، ولا يلزم المشتري عوضه، تمرًا ولا غيره، لارتفاع العلة ها هنا، التي من. أجلها ورد الحديث برد عوضه صاع تمر، وهو اختلاطه بملك المشتري اختلاطًا لا يتميز معه ما لبائعها من اللبن وما لمشتريها منه فقضى بردّ الصالح عوضًا عمّا لا يتميّز. وإذا ردّت بعيب التصرية لما حلبت بفور العقد، ارتفعت هذه العلة التي هي الاختلاط فوجب رد اللبن بعينه.

وظاهر كلام من تقدم من العلماء خلاف هذا، لكون اللبن إذا حلب غيّره الهواء، فكأنه ليس هو اللبن بعينه الذي كان في الضرع، فلهذا لم يردّ. وهكذا ظاهر المدونة، لأنه ذكر فيها أنهما لو تراضيا برد اللبن بعينه، ما جاز ذلك لأن التمر وجب في ذمة المشتري. فإذا تراضيا برد اللبن وقعا في بيع صاع التمر قبل قبضه (?).

ولو كان الأمر كما أشار إليه بعض أشياخي لم يحرم ذلك عليهما، لكون المشتري أسقط حقه في ما اختلط، وإذا أسقط حقه وقبله الآخر منه فلا وجه للمنع. إلا أن يقال: إن الواجب في الشرع رد صاع من التمر لا عين اللبن؛ فيتصور حينئذ فيه المنع من بيع الطعام قبل. قبضه.

وقد أشار شيخنا إلى حمل ما في المدونة على أنه لم يرُدّ المصراة بفور العقد. والذي ذكرناه يبعد تأويله هذا.

وهكذا أشار إلى حمل ما وقع لمالك في مختصر ابن شعبان، لما أشار إلى ضعف العمل بحديث المصراة بأن قال: له اللبن بما علف؛ إلى حمل هذا على أراد (?) ما حدث من اللبن في ملك المشتري الذي كان عن علفه، والذي نبهنا عليه من كون تغير اللبن إذا حلب يقتضي إبقاء الروايات على ظاهرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015