فلو ردت الشاة بعيب آخر، غير عيب التصرية، فإن ابن المواز ذكر أنه لا يرد عوض ما حلب. وأشار إلى قصر الحديث في وجوب ردّ الصاع على ما ذكر فيه خاصة، وأبقى ما سواه على أحكام العيوب؛ فإن من رد شاة بعيب لا يردّ لبنها، إذا كان غير مقصود في الشراء، ولا حصة له من الثمن فجرى مجرى ما يغتله المشتري. فإذا لم يقم المشتري بعيب التصرية ورضيها، فقد أسقط حقه في ما زاده من الثمن لأجلها لما عظم ضرعها، فصار كالمقر على نفسه أنّ اللبن لا حصة له من الثمن. وذكر بعض الأندلسيين عن ابن مزين أنه ذكر عن أشهب أنه إذا ردها بعيب، وقد رضي بتصريتها، فإنه يرد الصاع. وإلى هذا مال بعض أشياخي.
وقال المروزي: إنه يرد الصاع من التمر ولو ردها بغير عيب التصرية.
وقال أشهب، في من أكل لبن الشاة وردها بعيب، فإنه لا يردّ عوض اللبن شيئًا. وأشار إلى كونه غلة.
وذهب ابن حنبل إلى أن هذا اللبن لما تعذّر ردّه صار ذلك كفوت المبيع، وفوته يوجب قيمة العيب. فمنع من ردّ المصراة لما حدث من النقص في الشاة.
وقد كنا حكينا في كتاب الردّ بالعيب طريقة من ذهب إلى أن نقص المبيع عند
المشتري يمنع من رده بالعيب، ويوجب قيمة العيب، فكذلك المصراة.
وقال عيسى بن أبان: كانت العقوبة في الأموال بأن يحرم من دلس بعيب الثمنَ عقوبة له، ثم نسخ ذلك بأنه لا يحرم الثمن. فلما كان لبن المصراة لا يعرف ما كان منه للبائع ولا ما كان منه للمشتري عدل فيه إلى أخذ قيمة عيب التصرية.
وذهب أبو يوسف وابن أبي ليلى إلى أن الواجب قيمة اللبن الذي كان في الضرع حين عقد البيع. وإنما حكم - صلى الله عليه وسلم - بصاع من تمر لأنه في زمنه كان قيمةَ اللبن.
وذكر أبو حامد اختلاف أصحاب الشافعي في الصاع من التمر إذا كان يزيد