كان هذا مما لا يلتفت الناس إليه، ولا يعرجون عليه على حال، فإنه لا يسلم ما قالوه، ولكن إذا كان الأمر على هذا فلا يقع أحد في التصرية والاشتغال بها، لكونه لا يفيد في غالب الأمر.
"والجواب عن السؤال الرابع أن يقال:
إذا تقرر تحريم بيع المصراة، فإنه إذا وقع لم يفسخ العقد، وإن كان منهيًا عنه؛ لأنه عليه السلام قال: إنه إذا رضيها أمسكها؛ والعقد الفاسد ليس للمشتري التمسك به. فإن قيل: فإنه بيع منهى عنه، والنهي يدل (?) على فساد المنهي عنه قولًا مطلقًا، فلا يلزم أن يفسد بيعْ التصرية. ومن قال: إنه يدل على فساد المنهي عنه؛ فإنه يقول: إن هذا النهي راجع لحق المخلوقين في أَلَّا يُدلَّس عليهم، ومثل هذا النهي لا يدل على الفساد. فإن قيل: قد قال القزويني، من أصحاب مالك، وابن الجهم، في بيع النجش: إنه يفسخ، لنهيه عليه السلام عنه؛ والنهي عن بيع النجش لحق المخلوقين.
قيل: هذا إنما يقال على مقتضى ما يوجبه الدليل على الجملة عند من ذهب إلى أن النهي يدل على فساد المنهي عنه على الإطلاق، ما لم يقم على إمضاء البيع دليل، وهو ما قارن النهي عنه من إمضائه إذا اختار المشتري التمسك بالمصرّاة، وهو قوله عليه السلام: "فإن رضيها أمسكها"، (?).
والجواب عن السؤال الخامس أن يقال:
إذا اختلف الناس في حكمها إذا حلب لبنها. فكنا ذكرنا عن أبي حنيفة أنه ذكر عنه أنه كان يرى التصرية ليست بعيب يوجب للمشتري مقالًا، فهذا لا يوجب على المشتري في اللبن شيئًا. وجُلّ العلماء على أن لبن المصراة للبائع، لكونه قد جمع في ضروعها حين العقد، وهو مبيع معها، فوجب أن يكون للبائع. وإنما يكون، للمشتري ما حدث من اللبن في ضروعها بعد عقد الشراء وبعد أن صارت إليه، لأنه خراج، والخراج بالضمان.