شرح التلقين (صفحة 2217)

فأما الوجه الأول فغير مسلَّم؛ لأن عيب التصرية إنما أوجبه العقد، ولكن هذا عيب لم يطلع عليه المشتري إلا بعد العقد والحلاب، فلهذا تأخر الردّ به. ولو ثبت أنها مصراة قبل الحلاب، وأن لينها ينقص عن مقدار ما صُرّيت به لكان للمشتري ردّها وإن لم يحلبها.

وأما الوجه الثاني، وهو كون اللبن لا حصة له من الثمن، فإن من اشترى شاة لبونًا، يعلم بمقتضى العادة أن ثمنها إذا كانت تحلب كل يوم قسطًا أقلُّ من ثمنها إذا كانت تحلب كل يوم أضعاف ذلك. فإذا علم أن المشتري يزيد في ثمنها بزيادة لبنها، كان له مقال في الردّ بعيب ينقص من الثمن.

ونهيه عليه السلام عن بيع اللبن في الضرع محمول على أنه باعه مفردًا، وهو لا يعلم مبلغه، فيكون المبيع مجهولًا. وأما إذا باعه وباع الشاهّ، ولبنُها الذي في ضرعها تبع لها، فإن ذلك ليس بغرر، لكونه تبعًا لمبيع معلوم كبعض أجزائه. ألا ترى أن بيع الثمرة قبل الزهو بشرط التبقية لا يجوز، لما فيه من الغرر. فلو بيعت النخل وفيها تمر لم يَزْهُ، لجاز ذلك لكون الثمرة ها هنا تبعًا للنخل. ولو باع الجنين منفردًا في بطْن أمه، لم يجز ذلك. ولو باع أمه حاملًا لجاز ذلك. فلا تقاس أحكام التوابع على أحكام المتبوعات.

وأما الوجه الثالث الموجب لتخيير المشتري في المصراة كون البائع غش ودلّس، وفعل ما لا يحلّ، وغرر بالمشتري تغريرًا أتلف عليه به بعض ماله.

والذي سمّن شاته فعل ما هو مباح له، ولم يقصد التغرير بالمشتري، فيعاقب بالردّ عليه، كما عوقب من ظلم وغرّ.

وأما من باع غلامًا في ثوبه أثر المداد، وبيده القلم والدواة، فإن أبا حامد الإسفرائيني تردد في هذا، هل يقال: للمشتري مقال في ردّهِ إذا كان أمّيّا، أو يقال: لا مقال له، لكون المشتري عوّل على أمر محتمل يمكن عنده أن يكون غلامًا لكاتب يحمل دواته وقلمه. فعلى المشتري الدرك إذا عوّل على أمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015