الحادث عند المشتري يمنع من الردّ (?) يوجب قيمة العيب.
فأما ذهاب أبي حنيفة إلى أن ذلك ليس بعيب ولا تدليس، فإنه يعتمد فيه على ثلاثة طرق:
أحدها: أن مجرّد العقد على المبيع المعيب يوجب للمشتري الرد، والحديث الوارد في المصراة ذكر فيه أن للمشتري الردّ بعد أن يحلبها. فاقتضى هذا أنه لا يجب الرد بنفس العقد، بل بأمر حدث بعد العقد. وهو خلاف الأصول.
والوجه الثاني أن اللبن لا قسط له من الثمن. ولو كان له قسط لم يجز بيع الشاة التي في ضرعها لبن، لأنه عليه السلام نهى عن بيع اللبن في الضروع (?).
وإذا لم يكن له قسط من الثمن لم يتصوّر التدليس بأمر لا حصة له من الثمن.
والوجه الثالث أن البائع للمصراة لم يشترط كونها تحلب كل يوم مقدارًا كثيرًا فظهر أن الأمر بخلافه، وقصارى ما فيه أنه سكت عن بيان بعض أوصاف المبيع، ومجرد هذا لا يوجب للمشتري مقالًا، والدرك ها هنا على المشتري في اعتقاد الغلط، فلا يوجب له ذلك دركًا على البائع، كما لو باع جارية وهي ثيّب، فقال المتشري: ظننتها بكرًا؛ فإن ظنه لا يوجب له ردها، كما تقدم بيانه
في كتاب الرد بالعيب.
وكذلك لو سمّن رجل شاته أو بعيرهُ فظن المشتري أنها حامل، فإنه لا يردّها لظنه ذلك. وكذلك لو كان الضرع كثير اللحم، وظنه المشترى كثير اللبن.
فإذا كانت هذه الظنون لا توجب للمشتري مقالًا على البائع فكذلك التصرية، يظن المشتري أن المصراة كثيرة اللبن.
وكذلك لو باع غلامًا في ثوبه أثر المداد، وبيده الدواة والقلم، فإذا به أمّيّ.