فأكثر العلماء على أنه عيب وتدليس، يوجب لِلمشتري مقالًا وبه قال مالك والشافعي والليث وأحمد وإسحاق.
وذهب أبو حنيفة إلى أن التصرية ليست بعيب ولا تدليس، ولا مقال لِلمشتري فيها. وذكر ابن القصار، من أصحابنا، هذا المذهب عن أبي حنيفة.
قال: إن أصحابنا والشافعية يحكون عن أصحابه أنهم ينكرون هذا. وهكذا ذكر أبو حامد أن أصحابه ينكرونه. والذي حكيناه عنه هو الذي وقفت عليه في نقل المتأخرين من حذاق أصحابه. ويذكرون أن أبا يوسف خالفه، وذهب إلى أن للمشتري في ذلك مقالًا. وأن محمدًا بن الحسن أحد أصحابه موافقُه على هذا المذهب الذي حكيناه عنه.
فمن ذهب إلى أن ذلك عيب يوجب للمشتري مقالًا، فإن الأكثر منهم على أن لِلْمشتري أن يقبل المصراة بهذا العيب ولا شيء له. أو يردها ويأخذ الثمن. وبذلك قال مالك والشافعي.
وذكر الطحاوي عن عيسى بن أبان أنه قال: كان الحكم في من دلس بعيب ألاّ يعطى الثمن، لما كانت العقوبة في الأموال، فعوقب هذا بحرمان الثمن.
ثم نسخ هذا برد المبيع ويرجع بالثمن. لكن هذا لما كان اللبن الذي كان بالضرع لم يقدر على ردّه لاختلاطه بما يحدث من اللبن عند المشتري، وجب أن يعدل عن الرد للبيع لما تعذر ردّ المبيع بعينه لأجل ما ذكرناه، إلى أن يأخذ قيمة العيب.
وهكذا مذهب أحمد بن حنبل أن المقال في هذا العيب، الذي هو التصرية، في طلب المشتري للبائع بقيمة العيب ألا يرد المصراة.
والمذهب، الذي أشرنا إلى أن أصحاب أبي حنيفة ينكرون ما حكيناه، ينسبون إليه أن ذلك عيب، ولكنه لا يوجب الرد لتصرف المشتري في المبيع وانتقاصه. وقد كنا قدمنا، في كتاب الرد بالعيب، أن من مذهبه أن النقص