وهذا الذي قاله في إمضاء البيع بناء على أنّ ذلك حقّ للمخلوق، ولا يجب فسخه إذا زال سبب النّهي برفع الضّرر.
وأمّا إذا قلنا بالقول الآخر، أنّ ذلك إنّما نهيَ عنه لحقّ الله سبحانه، فإنّ البيع يجب فسخه على كل حال، فإنّ هذا العقد يكون كصفقة جمعت حلالًا وحرامًا فحرامه العقد على الصغيرة دون أمّها، وحلاله العقد على الكبيرة دون أمّها فيفسخ الجميع، كمن باع زق خمر وثوبًا صفقة واحدة، فإن جميع العقد يفسخ على المشهور من المذهب، وعلى الطريق الأخرى يفسخ منه الحرام خاصّة، على حسب ما ذكرنا فيه فيما مضى في غير هذا الكتاب. وإذا كانت الصغيرة أيضًا جُلّ الصفقة، وقلنا بإنّ ذلك إنّما نهي عنه لحق المخلوق، وجب فسخ الجميع، إذ لا يمكن المشتري من الاستمساك بأقل الصفقة بما ينوبه من الثمن، وهو مجهول على مذهب المدوّنة لا على مذهب ابن حبيب الذي أجاز ذلك.
والجواب عن السّؤال الخامس أن يقال:
إن كانت الأمة بيد رجل وولدها بيد رجل آخر، وعلم أنّ ذلك بأيديهما عن بيع، أو جهل، أو هبة (?)، فإنّ الحكم أن يجمع بينهما في ملك واحد لكون ذلك أحوط في رفع الضّرر، لأنّهما إذا لم يكونا لمالك واحد، وجمعا في حوز أحد المالكين، فيمكن أن يريد مَن هما في حوزه التصرف، والسّفر بملكه ليحصل له ذلك، ولا يعينه الآخر عليه حتى يرجع ملكه إلى حوزه وتحت يده.
وقد يفلس أحدهما فيُضطرّ إلى أنْ يباع عليه ملكه، فإنْ بيعَ منفردًا كان ذلك تفرقة، وإن بيع مجموعًا مع ملك الآخر كان ذلك جمع سلعتين، فكان الأولى أن يجمعا في ملك واحد ليكون ذلك احتياطًا لحقّ الأمّ وولدها في ألاّ يفرّق بينهما.
وأمّا إن كانا في أيديهما من غير عوض، كهبة أو صدقة، أو كان أحدهما بعوض والآخر بغير عوض، ففيه اختلاف في المذهب: قال ابن الموّاز: اختلف