قول مالك في الهبة للأم أو ولدها هل يجيران على الجمع بينهما في ملك، أو يكتفى بأن يجمع بينهما في حوز أحد المالكين. وذكر ابن حبيب أنه إن كان المالكان شملهما واحد ومسكنهما واحد، كالزّوجة والزوج والولد والأب وشبههما، فإنّ الجمع في حوز واحد يكتفى به. فإن لم يكن شملهما واحدًا فلا بدّ أن تجمع الأمّ وولدها في ملك واحد.
وأشار بعض المتأخرين إلى أن الهبة لمّا كان طريقها المعروف حسن الخلاف فيها، هل هي كالبيع أو كالعتق؟ وقد اتفق في العتق على أنه إنّما يجمع بينهما فيه في حوز واحد. كما اختلف فيمن وهب عبدًا هل يتْبع العبد ماله كالعتق أوْ لا يتبعه كالبيع؟
وهذا الذي أشار إليه لا يتضح لأجل أنّ الإنسان إذا كان له أمّ وولدها فأعتق أحدهما فإن العتق يستحيل معه البيع في الشّرع. فلمّا استحال معه البيع في الشرع استَحال طلب المالكين بأن يجمعا بينهما فيما يستحيل في الشّرع تصوّره وفعله وهو بيع العتيق، والهبة لا يستحيل في الشّرع بيعها. وقد ذكر ابن الموّاز عن ابن القاسم فيمن عنده أمّ وولدها فباع أحدهما وتصدّق بالآخر، فإته يجب أن يجتمعا في ملك أحدهما أو يباعا عليهما، فقال بعض المتأخّرين: إذا بدأ بالبيع قبل الهبة جرى ذلك على أحكام البياعات في أن يجمعا في ملك، ولو بدأ بالهبة ثم بعد ذلك باع يجري على أحكام الهبات. لأنّه إذا بدأ بالبيع فلا فرق بين أن يهب بعد ذلك أو يبقى في ملكه مَن سوى ما باع. وإذا بدأ بالهبة فكذلك أيضًا لا فرق بين أن يبيع الآخر أو يبقيه في ملكه.
وليس فيما ذكره ابن الموّاز تصريح بالتّرتيب الذي أشار إليه هذا المتأخّر.
وقد كنّا قدّمنا في غير هذا الكتاب اختلافًا فيمن وهب طفلًا رضيعا وعنده أمّه هل يكون الرّضاع على الموهوب له الولد إذا حلف أنّه لم يرد التزام رضاع أمّه له، أو يجبر على أن يمكن الطفل من رضاع أمه؟
وكذلك اختلف في الحوز في الهبة: هل يكون ذلك بحوز الولد والأمّ