في بيع التفرقة، وإنْ جمعَا بينهما، لتمكن (?) أيضًا على هذا التعليل الذي ذكرناه أن نقول ها هنا: إنّ الهبة لا تفسخ، لكن يحكم بالجمع بينهما، لكون الهبة ها هنا في معنى بيع فاسد، ولا يفسخ بعد فوته. ويمكن أيضًا أن يذهب إلى ردّ الهبة. فهذا مِمّا ينظر على أصله. فيستخلص من هذا أن بيع التفرقة إذا وقع المذهب فيه على ثلاثة أقوال:
أحدها: فسخ البيع على كل حال.
والثاني: إمضاؤه على كل حال، وإزالة سبب النّهي بالبيع عليهما إن لم يتراضيا بالجمع طوعًا منهما.
والثالثة: أنّهما إن تراضيا بالجمع لم يفسخ البيع. وإن لم يتراضيا به فسخ البيع، على حسب ما فضلناه من هذه المذاهب وتعليلها.
وبعض أشياخي يشير إلى القَدح فيما وجّهنا به مذهب ابن القاسم بأنّه يمكن إزالة لبسبب النّهي أيضًا في جمع السّلعتين لمالكين في عقد واحد بأن تقوّم الأم ويقوَّم الولد، ثم تباعان جميعًا، ويقسم الثمن على نسبة القيمتين. فيصير كل واحد من المالكين لم يعقد البيع إلاّ وهو يعلم ما ينويه من الثّمن الذي بذله مشترياه وقد كنّا نحن أشرنا إلى هذا في كتاب البيوع الفاسدة، وتكلمنا على ما يتعلّق به. وهكذا أيضًا يقصد ما ذكرناه من الخلاف على وجه دون وجه بأن يقول: بأنّ العاقدين لبيع التفرقة إنْ علمًا أن الشرع يجبرهما على الجمع أو يبيع الأمّ والولد عليهما، صارا قد عقدا على غرر، وهو تجويز أن يصحّ ما اشتراه المشتري، أو لا يصح (?) بثمن يباع به عليه وذلك غرر وخطر. والبائع أيضًا يجوز أن تؤخذ الأمّ من يده فتباع عليه، فيصير قد خاطر في هذا العقد. وهذا يتّضح معه فساد البيع ووجوب فسخه على كلّ حال.
ولو علم بذلك أحدهما وجهل به الآخر، يجري على الخلاف في علم