شرح التلقين (صفحة 2198)

البيع لا يفسخ، وأنّه يباع على الثصرانيّ ما اشتراه من ذلك، فيحصل بالبيع عليه رفع السّبب الذي لأجله وقع النهي. وينفصل ابن القاسم عن هذا بما أشرنا إليه من توجيه قوله بأنّ بيع المصحف على النّصراني لا يركب فيه نهي آخر، وبيع الولد وأمّه مجموعين وهما لمالكين يركب فيه نهي آخر وهو بيع سلعتين لمالكين. فهذا الانفصال عما أشار إليه ابن الموّاز منَ الحجة عليه. وقد ناقضه أصبغ بما ذكره ابن الموّاز عن ابن القاسم فيمن عنده أثم وولدها، فباع أحدهما من رجل، وتصدّق بالآخر على رجل آخر، فإنّهما يباعان عليهما من رجل واحد. فقال أصبغ: هذا رجوع منه عن الفسخ.

والانفصال أيضًا عن هذا أنّه إذا رجع إلى الفسخ فيمن باع ولدًا دون أمّه، أو أُمًّا دون ولدها، فإنّ من فسخ عليه البيع وأخذ منه ما اشتراه يرجع بعوضه وهو الثمن الذي دفع فيه، فلا يلحقه من ذلك كبير مضرّة في إبطال ملكه بالكلية. وإذا راعينا في الهبة جمع السّلعتين، وأنّ ذلك لا يجوز، وفسخنا الهبة أبطلنا حقّ الموهوب له بغير عوض يأخذه. وهذا من الضّرر البيّن الذي يقتضي أن العدول عنه إلى ما هو أخفّ أوْلى، وهو جمع السّلعتين، ويقدّر أن الهبة لما وقعت ها هنا وفسخنا إبطال الملك بالكلية، صار ذلك كالفوت فيها، ونحن نذهب في بيع التّفرقة إلى أنّ الفسخ إذا وجب بعد أن فات البيع بحوَالة أسواق فإن البيع لا يفسخ لأجل الضّرر في فسخه بحوالة السّوق، ولكن تجب فيه القيمة لفساد العقد، أو يمضي بالثمن إذا قلنا: إن فساد هذا لحق الله سبحانه في النّهي عن هذا العقد، مع كون الثمن والمثمون جائزين لا غرر فيهما، كبيع الجمعة وشبه ذلك، وهو مذهب ابن عبدوس في بيع التّفرقة إذا انفسخ إمّا بكبر الولد، أو بحوَالة السّوق، فإثه يمضي بالثمن إذا كبر، ويمضي أيضًا بالثمن إذا حال السّوق، ويجبرانِ على الجمع بين الأمّ وولدها، على حسب ما قدّمناه في البيع عليهما.

ولو قلنا بما ذهب إليه القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب من وجوب الفسخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015