وأصحابه أن بيع التّفرقة يُفسخ. حكى ذلك مطلقًا من غير تقييد. وإليه ذهب القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب فقال: إنه باطل (?) الخمر، ويفسخ ولو رضيا بالجمع بينهما.
والمشهور من المذهب أن المقصود بهذا النهي رفع الضرر عن المخلوقين، على الاختلاف الذي قدّمناه. هل ذلك مقصود به رفع الضرر عن الأمّ في أن لا تولّه عن ولدها، فإذا رضيت بالتفرقة صحّ البيع ولم يمنع. أو المقصود بالنّهي ودفع (?) الضرر عن الولد في أن لا يفقد رفق أمّه به وحياطتها، على حسب ما قدّمنا ذكر الخلاف في ذلك وتوجيهه.
وإذا قلنا: إنّه من حقوق الخلق فإنّ البيع لا يجب فسخه إذا وجدنا سبيلًا إلى إزالة السّبب الذي وقع النّهي لأجله وهو رفع الضّرر، وذلك بأن يرضى من في يده الأم أن يبيعها مِمّن صار في يده الولد بما يتّفقان عليه من ثمن، أو يرضى من في يده الولد أن يبيعه ممن في يده الأم بثمن يتفقان عليه. وإن لم يتراضيا بذلك، فالمذهب على قولين: هل يعدل إلى الفسخ إذا لم يوجد سبيل إلى رفع سبب النّهي وهو مذهب ابن القاسم، أو يباع الولد وأمّه من رجل واحد فيزول سبب النّهي؟ وهو اختيار ابن الموّاز. فكأنّ ابن القاسم رأى أنّ رفع سبب النّهي إنّما يتصوّر بوجه واحد. وهو أن يتراضى مالك الأمّ ومالك الولد بأن يبيع أحدهما ما في يده من الآخر. وأمّا بيعهما عليهما جميعًا فإنّ ذلك يوقع في نهي شرعي وهو جمع السلعتين لمالكين في البيع، وهو يرى المنع من ذلك، فلا يُصلَح منهي عنه بالوقوع في منهي عنه آخر. وكأنّ ابن الموّاز رأى جواز جمع السلعتين في البيع لمالكين، كما ذهب إليه أشهب، ورأى أن ركوب مذهب أشهب في هذا أخفّ من فسخ البيع. وقد أشار ابن الموّاز في احتجاجه لما ذهب إليه في هذا بأن ذلك كبيع المسلم المصحف من النصرانيّ. وابن القاسم يرى أن