وقال ابن حبيب: يفترق بينهما إذا بلغ سبع سنين.
وهذا كلّه تحويم على اعتبار استغناء الولد عن أمّه وبلوغه إلى حال يستقلّ بها في نفسه.
وروى ابن غانم عن مالك أنّه (لا يفرّق) بينهما قبل البلوغ، ولا تجوز التّفرقة عنده إلاّ إذا بلغ الاحتلام.
وهذا المذهب أيضًا يمكن (أن) يكون مبنيًّا على اعتبار استغناء الولد عن أمّه. ورأى في هذه الرّواية أن من قصر عن شنّ الاحتلام فإنّه مفتقر إلى تربية أمّه.
وهذا كلّه استشهاد بالعوائد. وما أببد في هذه الرواية عن مقتضى العادة فإن لم يبلغ يشتدّ حنانُ أنه إليه ولا يكاد يستغني (عنها) كل الاستغناء. وإن كان المراهق في العادة أشدّ استقلالًا بنفسه وأقرب إلى الاستغناء عنها من ابن سبع سنين ونحوها. وإلى هذا كان يميل بعض أشياخي.
وذهب محمَّد بن عبد الحكم إلى أنه لا يفرّق بين الأمٌ وولدها طول ما عاشا.
وهذا المذهب بعيد غير مستند لما أسندنا إليه المذاهب المتقدّمة، لأنّه لا يشكّ عاقل في أن ابن خمسين سنة مستغن عن أمّه، وأنها إذا كانت قد بلغت إلى الهرم فإنّها هي المحتاجة إليه. ولكنّه ذهب إلى عموم الحديث، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من فرّق بين والدة وولدها فرَّق الله بينه وبين أحبّته يوم القيامة" (?). ولا شكّ أنّ عموم هذا يقتضي منع التفرقة. وأن حبّ الأمّ الولد لا يذهب وإن طعن الولد في السنّ.
والجواب عن السؤال الرّابع أن يقال:
اختلف المذهب على قولين في النّهي عن التّفرقة. هل ذلك من حق الله سبحانه فيما حرّم الله وحلّله، أو من حقّ المخلوقين التي نهى الباري سبحانه عنها لرفع ضرر عنهم، أو ما في معناه، فذكر ابن حبيب أنّ من قَول مالك