إذا خالعت زوجها على أن تسلّم حقها في الحضانة، فإنّ ذلك خلع جائز، ويلزم ما رضيت به. وهذا مبنيّ على أنّ الحضانة حقّ للأمّ، ومن رضي (?) بإسقاط الأمّ حقها في الحضانة باطل (?) بناء منه على أنّ الحضانة حقّ للولد. وإذا خالعت على إسقاط حقّ غيرها لم يلزم ذلك إذ ليس لأحد أن يسقط حقّ غيره لمنفعة نفسه.
والجواب عن السؤال الثالث أن يقال:
أمّا حدّ التفرقة فقد اختلف فيه. فالمشهور عن مالك وابن القاسم أنّ حدّ ذلك استغناء الولد عن أقه، والعلمُ على ذلك الإثغار. ما لم يعجّل على الصّغير أو الصّغيرة. وهذا الاستغناء قال فيه مالك: هو أن يستغني عن أمّه في شرابه وطعامه وقيامه ومنامه. وهذا يحتمل أن يبنى على التّعليلين جميعًا. وإن كان الأظهر منهما إسناد هذا الحكم إلى حقّ الولد في التّربية. لأن من لم يثُغِر، ولم يعقل ما يُؤمر به ويُنهى عنه، ويهتدي إلى ما يحفظ به حياته ويدبّر به نفسه، مفتقر إلى من يقوم به في ذلك. فلوْ ترك الرّضيع والقريب العهد بالفطام إلى تدبير نفسه وغذائه لهلك، لأنّه لا يحسن كيفيّة التغذّي ولا أوقاته ولا صفة تناوله وإحضاره.
ويحتمل أيضًا أن يقال: ما دامت حاجته شديدة إلى أمّه، كانت في رحمته والعطف عليه أشدّ منها في ذلك إذا استغنى عنها. ولهذا كبار الأولاد لا يلحق نفس الأمّ في نزعهم منها ما يلحقها في صغير لا يعقل محتاج إلى تربيتها. فيكون من هذه الجهة الحكم مستندًا لحنانها ورحمتها. ولكنّه يختلف باختلاف السنين. وحدّهُ اللّيث بعشر سنين. ورأى أن ذلك علَمًا على الاستغناء عن أمّه.
وإلى هذا أشار في كتاب ابن الموّاز فقال: يفرّق بين الأمّ وولدها إذا استغتى عنها وختن وصار يؤمر بالصّلاة ويؤدّب عليها، وفارق أسنان اللّبن. فذكره التأديب للصّلاة وإدخاله المكتب والختان يشير إلى أنّ ذلك كلّه هو علم على الاستغناء عن أمّه. وذكر في ذلك أدبه على القملاة وهو إنّما يؤدّب عليها إذا بلغ عشر سنين.