شرح التلقين (صفحة 2194)

الأرحام. وإنْ قصر جميعهم عن الأمّ في شدّة العطف على الصغير، والحنين والجزع من فراقه، ومن سواها يتفاوتون في هذا المعنى، وليس تقصيرهم عن الأم في الجملة بالذي يسقط حقّهم في الجمع لأجل ما يلحقهم من الضرر.

ورأى الشافعي أنّ الجدّة تكاد تقارب الأمّ في المعنى الذي أشرنا إليه من الحنان وشدّة النزوع إلى الولد، فوجب أن تُلحق بالأمّ في هذا الحكم، ولا يلحق من سواها من الأقارب لما علم من جهة العادة أنّ الخالة والعمّة والأخ والأخت لا يلحقون في هذا المعنى بالأم والجدّة. ورأى بعض أهل المدينة أنه يتضح في العادة مساواة الأب للأم في هذا المعنى لكون الولد كعضو من كل واحد منهما.

ويلحق الأب بالأمّ في هذا.

وبالجملة فإنّه لا يشكّ في اختلاف طبقات الأقارب في هذا المعنى. ولا يتضح في الخالة والعمّة والعمّ والخال من شدة الضّرر ويتّضح في الأبوين والجدّة. وإنّمّا يتضح القياس مع المساواة في معنى العلّة. ومن ذكرناه من عمة أو خالة لا يساوي في هذا المعنى الأبوين والجدّة. هذا إذا قلنا بأن المنع من التفرقة بين الأمّ وولدها في البيع حقّ للأم على ما ذكر ابن عبد الحكم في مختصره من أنّ الأئم إذا رضيت بالتفرقة بينها وبين ولدها لم يمنع سيّدها من أن يفرّق بينهما في البيع. وإن قلنا: إنّ المنع من التفرقة إنما يعتبر في حق الولد في هذا، كما قاله ابن الموّاز عن مالك: إنه لا. يفرّق بين الأمّ وولدها في البيع ولو رضيت الأمّ بذلك. وقع النّظر فيما قاله أبو حنيفة فإن الولد إذا بيع وحده، وهرب مشتريه وهو صغير لا يجد من يربيه، فإنّه يلحق به الضّرر الشديد من أن يفرّق بينه وبين خالته أو عمّته.

ويجري هذا مجرى التفرقة في الأحرار. فإنّ الحضانة للخالات، وإن كره الأب ذلك، إذا لم تكن أمّ ولا جتة، ولكن المذهب أن حكم الحضانة في الأحرار خلاف حكمها في المماليك لما يلحق المالك من الضّرر في ماله بأنْ لا يبيعه كيف يختار من جمع أو تفرقة.

والحضانة في الأحرار هل ذلك حقّ للولد أو للأمّ؟ ففي المدوّنة أنّ المرأة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015