شرح التلقين (صفحة 2190)

كالحبس الموقوف على المسلمين (?) ولهذا لا تباع عنده ديار مكّة بناء على أصله لأنّها فتحت عنوة.

وقد اختلف النّاس في بيع رباع مكة وإجارتها. فمذهبنا بيع رباعها وإجارتها.

وبه قال أبو حنيفة. وإن كان أبو حنيفة قال: أكره بيعها لكنّ أصحابه حملوا قوله هذا على التحريم للبيع. وذهب الشافعي إلى جواز ذلك. ومذهبه أنها دُخلت صلحًا.

وقد اختلفت الظواهر والأقيسة في جواز بيع ذلك أو منعه.

واستدل من منع ذلك بقوله تعالى: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} (?). ورأى هذا كناية عن الحرم كلّه، وما أحاط به من المسجد والدّيار. وعضد هذا بأنّ المصلحة المنع من ذلك لكثرة الوارد عليها لقضاء فريضة الحجّ على العباد، فتمسّ الحاجة إلى كون رباعها مباحة للواردين غير مقصورة للسّاكنين. وبأنّ مكّة كلّها يُمنع الصّيد في ديارها، كما يمنع في المسجد الحرام، فدلَّ أنّهما سيّان. وأيضًا فقد روي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: رباع مكة لا تباع ولا تؤاجر (?). وهذا نصّ في عين المسألة.

ويستدل الآخرون بأنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لمّا أتى مكّة عرض عليه النّزول في رباعه فقال: وهل ترك لنا عقيل ربعًا (?)؟ وكان أبو طالب أسلم أبناؤه قبل وفاته وهما علي وجعفر رضي الله عنهما. وتأخّر إسلام عقيل إلى أن مات أبوه أبو طالب فورثه دون ولديه المسلمين وباع رباعه (?)، فأشار عليه الصلاة والسّلام بقوله هذا إلى إمضاء بياعاته وإمضاء ميراثه. فلو كان البيع لرباعها لا يجوز لم يُمْضه - صلى الله عليه وسلم -، ولأخبر أنّ هذه البقعة تختصّ، لحرمتها، وحاجة النّاس للورود عليها، لمنع بيعها بخلاف سائر البلاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015