وأيضًا فقد قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} (?) فأضاف الدّيار إليهم، والإضافة لمن يعقل محمولة على الملك، فاقتضى هذا صحّة ملك رباع مكة وما صحّ ملكه جاز بيعه.
وقد توزع الأوّلون في استدلالهم بأن الآية إنّما ذكر فيها المسجد الحرام، والمسجد الحرام اسم لبقعة مخصوصة محدودة، فلا يدخل فيها غيرها كما لا تدخل بغداد في اسم مكّة. وأيضًا فإن الطبري ذكر في تفسيره للقرآن أنّ المراد ذمّهم على صدهم ومنعهم من الحجّ في قوله: {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} (?) وذمهم على المنع من الطّواف بقوله: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (?) وإن (?) قوله: رباع مكة لا تباع. محمول على الاستحباب والمواساة بها لمن ورد من الحجّاج. كما قال في حديث آخر: لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير من أن يأخذ عليها خرجًا معلومًا الحديث (?) لأجل الحاجة إلى المواساة في مثل هذا.
وتوزع الآخرون أيضًا باستدلالهم بأنّ الإضافة إلى الفقراء إضافة سكنى لا إضافة ملك لرقاب الدّيار. ألا تراه كيف قال سبحانه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} (?). فسمّى الأموال بعد ذكر. الدّيار، فقال: إنها ليست بأموالهم.
وأيضًا فقد سمّاهم فقراء ولو كانت الدّيار من أموالهم لم يسمّوا فقراء.
وأمّا كون الصّيد يستوي في المنع منه المسجد الحرام وبيوت مكة. فإنهما يفترقان أيضًا في الطواف، لكون الطواف غير مشروع حول بيوت مكة بل هو مقصور على الكعبة.
وأمّا من يستدلّ على جواز بيع بيوت مكة يكون النّاس يتبايعونها عصرًا