البائع فأفلس، فإنّه لا تسقط المطالبة وتبقى الأرض في يد مشتريها يغتلّها، والمسلمون يبطل حقّهم فيها. وذكر عن ابن عباس أنّه كان يرى على هذه الطريقة أنّ البائع إذا أفلس بقي المشتري على اغتلال الأرض، ولم تنتزع من يديه، ولا يطالب بأداه.
فعلى طريقة ابن عبّاس يرتفع الضرر في هذا البع. وعلى طريقة الشيخ أبي محمَّد لا يرتفع الضرر لكون حقّ المسلمين لا يصحّ إبطاله، مع كون الأرض تغتلّ.
فكأنّ ابن القاسم قدّر أن الصلحيّ إذا ضرب على أرضه خراج فإنّه متعلّق به وبذمّته. وذمّته المقصودة بهذا. والأرض في حكم التّبع، لهذا المقصود.
وسواء عنده باع هذه الأرض من مسلم لا يصحّ، لأجل إسلامه، أن يطالب بالخراج، أو من ذميّ يحلّ محلّ البائع. ومنع ابن القاسم لما ذهب إلى كون هذا الخراج على البائع من اشتراط على المشتري لأنّه متى اشترط عليه أحدث في البيع ضررًا، لكون البائع إذا أسلم لم يطالب بالخراج، فصارت الأرض كالمبيعة بثمن، بعضه مجهول، وهو ما يؤدّي مشتريها من الخراج كل عام، فإنّه لا يدرى هل يسلم بائعها منه بعد عام واحد من تاريخ شرائها، فلا يؤدّي المشتري أكثر منه، أو يعد عشرة أعوام أو عشرين عامًا فيتضاعف عليه الأداء. فصار هذا غررًا في الثمن.
وذهب أشهب إلى أنّ الصلحي إذا باع أرضه كان خراجها على مشتريها ما دام البائع على دِينه، فإن أسلم سقط الخراج عن المشتري. ولا يجوز عنده أن يشترطه المشتري على البائع لأن في ذلك نقل حقّ المسلمين عن عين الأرض، ومطالبته من يغتلّها إلى ذمّة من لا يغتل هذه الأرض، وقد يفلس فيضيع حق المسلمين، وتكون الأرض تغتكّ ولا مطالبة له. وقد كنّا قدّمنا في كتاب بيع الغائب أنّ مالكًا اختلف قوله في بيع السّلعة الغائبة هل ضمانها من البائع أوْ من المشتري؟ وأجاز بناء على كل واحد من القولين أن يشترط الضّمان