تكون لمن أسلم ولا تورث عنه. وهي كالوقف وكالمرتهنة بأيدي المسلمين، ولا يمكّن من صالح عليها من أهل الحرب من بيعها، ولا تكون له إذا أسلم.
وهذا التفصيل الذي فصّله يلتفت فيه إلى ما قدمناه في كون المصالحة وقعت على أداء جزية فرضت على كل واحد بعينه، وخراج فرض على كل واحد على أرضه. فها هنا إذا أسلم امتنع مع إسلامه أن يطالب بالجزية الّتي هي صغار وإذلال لمن لم يسلم، أو لخراج الأرض التي هي عوض إقراره فيها. والإِسلام يعصم به الإنسان الدّم والمال. فإذا كان الصّلح على مال مجمل فإنّ ذلك المال إنّما يطلب به ما يتعلّق بالخراج كالأرض. وكأنّ الأرض مرتهنَة للمسلمين فلا يمكن الحربي من بيعها. ولو أسلم لم تكن له لكون أصل الصلح عقد على أن المسلمين تعلّق لهم حقّ بعينها ما دامت موجودة فتكون الأرض يستعين بها أهل البلد على ما فرض عليهم من الأداء. فإن حاول الصّلحي بيع أرضه، ولا خراج عليها، وإنّما عقد الصّلح على جزية يؤدّيها عن نفسه، فإنّ له بيع أرضه لكونها لم يتعلّق بها حقّ للمسلمين. وأمّا إذا فرض عليها خراج، فظاهر المذهب على قولين: المنصوص منهما، والمشهور: أنّ من هي بيده من أهل الصّلح لا يمنع من بيعها. وروى ابن نافع عن مالك في المدوّنة جواز بيعها، ولكنّه قيّد ذلك باشتراطه فيه إذا لم تكن عليها جزية.
وتأوَّل الأشياخ عليه أن دليل هذا الخطاب يقتضي المنع من بيعها إذا كانت عليها جزية.
وعلّل الشيخ أبو محمَّد هذا المنع من بيعها إذا كانت عليها جزية يكون هذا البيع إذا كانت على الأرض جزية لا ينفكّ من كونه ضررًا. وأشار إلى أنّا إن قلنا بقول ابن القاسم أنّ الخراج يكون على بائعها فإنّ بائعها قد يفلّس أو يتعذر الأخذ منه، فيجب للإمام بيع الأرض فيما تعلق بعينها من حقّ، ويخرجها من يد مشتريها، فيصير المشتري اشترى شيئًا لا يعلم هل ينزع من يديه أم لا؟ وإن انتزع فلا يعلم أمد انتزاعه. وهذا منه إشارة إلى أنّ الخراج إذا قضي بكونه على