على ما كانوا عليه قبل الصلح لا تنزع من أيديهم ولا تباع عليهم، ما داموا يؤدّون ما صالحوا عليه، لأنّ نزعها من أيديهم وبيعها عليهم نقض لما عاهدناهم عليه. وإذا مات منهم أحد وَرِثَه ورثته يرثون أرضه وماله. وإن لم يكن له ورثة في ماله قولان: قال ابن القاسم يكون للمسلمين، وروي عنه أنه قال: يكون ملكًا لأهل بلده يستعينون به فيما عليهم من الأداء الذي صولحوا عليه.
فكأنه أجراه في القول الأول مجرى مسلم مات ولا وارث له، فإن ماله يكون للمسلمين فلا يكون من لا وارث له من الكفار أعظم منه رتبة في منع المسلمين من ماله.
وكأنّه قدر في القَول الآخر أن الصّلح عُقد على أن من مات منهم يستعينون بماله إذا لم يكن له وارث منهم بالقرابة.
وهذا يقتضي النظر فيه اعتبار كيفية الصّلح. فإن كانت المعاقدة على أن من مات ولا قريب له منهم يرثه، فإن ماله لهم بأنه لا ينبغي أن يختلف في أنّ ماله يبقى لهم لكون الشّرع منعنا من نقض العهد الذي عاهدناهم عليه. وإن عاهدناهم على أن من مات ولا وارث له فلا حقّ لهم في ماله، فلا ينبغي أيضًا أن يختلف في أنّه لا يجب تمكينهم منه، لأنهم أهل حرب بقي الحكم فيها على الأصل الذي كان عليه من استباحة أموال أهل الحرب.
ولكن إذا أطلق الأمر في المعاهدة وجب النّظر في المفهوم منها، وعلى ماذا يحمل إطلاقها من القسمين، فيجوز الحكم فيه. والأظهر مع الإشكال والاحتمال أن يبقى المال على استباحة المسلمين له.
هذا حكم موته.
وأمّا حكم إسلامه، فإن المشهور أنّه إذا أسلم بقيت له أرضه وماله، وسقطت عنه الجزية، وعن أرضه الخراج. وذكر ابن حبيب أنّ هذا إنّما يقضى به إذا كان وقع الصّلح على جزية فرضت على كل واحد منهم، وخراج ضرب على كل واحد منهم. وأمّا إذا صولحوا صلحًا مجملًا على مال يؤدّونه فإنّ الأرض لا