يسكنها فإذا انفسخ العقد بهلاك السّلعة الغائبة ذهبت هذه المنفعة بغير عوض، وقد كان دفعها على حكم المعاوضة، فصار ذلك مخاطرة وغررًا.
لكن إذا كان الذي مَنعَنا شرطَ النّقد في حكم التّبع لغيره فإنّه قد أجيز شرط النّقد فيه. كبستان بيع وفيه حيوان فإن اشتراط التقد يجوز فيه، لكون الحيوان تبعًا له ومن مصلحته. كما قيل: إن فيه الشفعة، ولو انفرد لم تكن فيه شفعة.
وأما إن كانت العروض والحيوان والطّعام قريب الغيبة، فإن اشتراط النّقد فيه جائز. لكن اضطرب المذهب في حدّ القرب في هذا الذي يجوز معه اشتراط النّقد. فذهب ابن القاسم وأشهب إلى أن ما كان من العروض والطعام والحيوان على مسافة يومين فإن اشترط النقد فيه جائز. روي عن مالك رضي الله عنه في الحيوان أنّه لا يجوز اشتراط النّقد فيه، قرب أو بعد، قولًا مطلقًا في ذكر القرب.
وروي أيضًا عنه في الطّعام والحيوان أن القرب البريد والبريدان. وهذا كلّه دائمًا المعتبر فيه الأمن من هلاك الغائب أو التخوّف منه. ولهذا أشار مالك رضي الله عنه في الطّعام بأنْ قال: يسرق ويصيبه المطر فيفسد، فينبغي على مقتضى الذي أشار إليه أن تعتبر قرائن الأحوال في كلّ صنف من هذا حتى يتحقق الأمن أو يشتدّ الخطر والخوف من هلاك المبيع.
والجواب عن السؤال الثالث أن يقال:
يجوز أن يكون ثمن السّلعة الغائبة المبيعة سلعة معيّنة، ليس بدين مستقرّ في الذمّة. فهي في هذا كالحاضرة المبيعة لكن ذكر في كتاب كراء الدّور من المدوّنة أنّ التأجيل إنّما يجوز بشرط أن تكون مسافة الغائب لا يحلّ أجل الثّمن قبلها، وأنّه إذا حلّ قبل قبض المشتري له ووصوله إليه وجب (?) نقد ما حلّ أجله صار ذلك كاشتراط نقد في الغائب، وذلك لا يجوز.
ومقتضى هذا التعليل أنّهما لو اشترطا في هذا الأجل القصير أن الأجل إذا حلّ يوقف الثمن حتى تقبض السّلعة الغائبة لجاز ذلك. والتأجيل في ثمن السّلعة