شرح التلقين (صفحة 2133)

أشار إليه ابن القاسم في المدوّنة من أنّ الخلاف في ضمان العروض والحيوان والطعام حاصل سواء قربت غيبته (?) ذلك أو بعدت.

ولأجل ما أشار ابن القاسم من كون الخلاف في العروض القريبة الغيبة هل يضمنها مشتريها بالعقد أم لا؟ اتّفق الشيخان أبو بكر وأبو عمران على أنّه لا يجب النّقد فيها لأجل الخلاف في ضمانها، كما لا يجب النّقد في العروض البعيدة الغيبة، بغير خلاف، ولو كان الشيخ أبو بكر يرى رأي ابن حبيب في كون الضّمان فيها من المشتري لا يختلف فيه، لأوجب النّقد فيه كما أوجبه في العقار.

وأمّا ما بعدت غيبته مِمّا سوى العقار فلم يختلف في أنّ النّقد لا يجب فيها لأن ابن حبيب وغيره يسلّم أن تلك اختلف قوله فيها اختلافًا مشهورًا عنه.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

أما اشتراط النّقد في بيع الغائب في العقار فإنّه جائز على ما قدّمناه من أنّ مالكًا لم يختلف قوله في ذلك.

وأمّا ما بعدت غيبته مِمّا سوى العقار فإنه لم يختلف أيضًا في منع اشتراط النّقد فيه لأجل كونه غير مأمون عليه الهلاك، فإذا شرط النّقد في العقد فقد تعرّض المتعاقدان إلى سلف جرّ منفعة، لأن المبيع الغائب إن سلم حتى يقبضه مشتريه كان الثّمن المنقود عوضه. وإن كان لم يسلم وجب ردّ الثّمن على دافعه، فصار كأنّه أسلفه لقابضه ينتفع به حينًا ثم يردّه. وقد تقدّم بيان المنع من عقد يكون الثمن فيه تارة بيعًا وتارة سلفًا.

ولو كان ثمن الغائب ثوبًا أو دارًا ما جاز اشتراط انتقاده، وإن كان معروف العين يرد بعينه إذا بطل العقد بهلاك الغائب، ولا يتصوّر فيه السّلف، لما أشار إليه مالك رضي الله عنه من أنّ الثّوب يلبسه الذي انتقده ويبيعه، وكذلك الدّار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015