مبيعًا موجودًا، ووجوده لم يتحقق. لكن إذا قلنا باستصحاب الحال السّابقة، وهي كونه موجودًا عند البائع قبل انعقاد البيع، فاستصحاب هذه الحال يقتضي كون إثبات عدم السلعة حين العقد على المشتري.
وقد اختلف في المسألة المذكورة في المدوّنة، في كتاب الردّ بالعيب، وهي اختلاف البائع لعبد تبرّأ من إباقه فأبق في الثلاثة أيام، ثم وجد بعدها ميتًا، فزعم البائع أنّه كان حيًّا أيام العهدة، وأنّه إنّما مات بعدها، يكون ضمانه من المشتري، وزعم المشتري أنه مات في عهذة الثلاث ليكون ضمانه من البائع.
فالقولان من هذه المسألة مبنيان على استصحاب الحال الموجودة الآن. فتكون البيّنة على البائع أنّه لم يصت إلاّ بعد أيّام العهدة، أو يستصحب حال كونه حين البيع حيًّا، فيكون على المشتري إثبات كونه (?) في أيّام العهدة.
وقد ذكر ابن القاسم في اختلاف البائع لعبد على الخيار فوجد ميتًا بعد أيّام، فزعم البائع أنّه مات بعد انقضائها ليكون في ضمان المشتري حين الموت، وزعم المشتري أنّه إنما مات في أيّام الخيار، ليكون في ضمان البائع.
فذكر ابن القاسم أن القول قول البائع. وهذا بناء منه على استصحاب الحال السّابقة، وهي كون العبد حيَّا حين انعقاد البيع. بخلاف ما بني عليه الأمر في المدوّنة، في مسألة بيع الغائب، وهذا يشعرك بحصول الاختلاف في هذه المسائل التي بنيت على هذا الأصل.
فأمّا اختلاف المتبايعين لسلعة غائبة في عيب اطّلع عليه المشتري حين القبض فزعم أنّه كان بالسّلعة قبل العقد عليها ليردّ به على البائع ما اشتراه.
وزعم البائع أنّه إنّما حدث بعد العقد. فإنّه في المدوّنة لما سئل عن هذا أضرب عنه، وذكر حكم اختلافهما في كون السّلعة معدومة حين العقد. ولكن ابن حبيب ذكر ها هنا أنّ هذا العيب يحمل على أنه حادث بعد العقد حتى يثبت أنه سابق العقد. وأشار بعض أشياخيّ إلى أنّ هذا مخالف لمذهب المدوّنة إذ لا