فرق بين اختلافهما في كون جملة السّلعة موجودة حين العقد أو معدومة، أو اختلافهما في هذا النقص، الذي هو العيب، هل كان هذا الجزء موجودًا حين العقد أو مفقددًا؟ وذكر ابن حبيب أن هذا مذهب ابن القاسم في حمله على الحدوث، كما يحمل عيب اطّلع عليه في سلعة حاضرة اشتريت، واختلف فيها البائع والمشتري: وهل (?) هو حادث أو قديم؛ فإنّه يحمل على كونه حادثًا عند المشتري، إذا شكّ فيه، لكون المشتري مقرًّا بانعقاد البيع يدّعي ثبوت ما يخلّه فلا يصدّق.
وكذلك اختلافهما في العيب المطلع عليه في السّلعة الغائبة.
وأشار بعض المتأخّرين إلى أنّ ابن القاسم فرّق بين اختلافهما في ذهاب جملة السّلعة حين العقد وذهاب جزء منها. ولم يشر إلى الفرق.
وعندي أنّ الفرق بينهما أنّ اختلافهما في كون السّلعة الغائية موجودة حين العقد أو معدومة، اختلاف في كون هذا البيع انعقد وحصلت حقيقته، أو لم ينعقد أصلًا، إذ العدم لا يعقد عليه، والأصل عدم العقد، فَصُدِّق المشتري فيه.
وإذا كانت السّلعة موجودة حين العقد، وإنما اختلفا في حصول جزء منها حين العقد أو عدمه، وقد اتفقا على أنّ ها هنا عقد ومعقود عليه، ويدّعي المشتري ما يحله بدعواه أن العيب كان قديمًا قبل العقد، فلا يصدف، كما لا يصدّق في العيوب المشكوك فيها.
ومِمّا ينخرط في هذا السلك ما ذُكِر من الخلاف فيمن اشترى سلعة على رؤية تقدّمت، فلّما حاول قبضها زعم أنّها تغيّرت عمّا كان رآها عليه، وزعم البائع أنّها لم تتغيّر، وشكّ في صدق كل واحد منهما. فإنّ مذهب مالك رضي الله عنه أنّ القَول قول البائع. وإليه مال ابن القاسم لأجل أنّ البيع منعقد والمشتري يدّعي حلّه، والعين موجودة وهي الّتي وقع عليهما العقد، فلا يصدق المشتري في حل عقده عليها. وذهب أشهب إلى أنّ القول قول المشتري في أنّها تغيّرت عليه، إذا لم يقرّ إلاّ بشراء سلعة على صفة معلومة عنده، فلا يؤخذ بأكثر مِمّا أقرّ به.