القياس على السّلم بأن البيع في السّلم في الذمّة ليس بمعين ولو عقد الأمر فيه على التعيين لفسد، لأنّ السّلم في الاعيان لا يصحّ، فلم يبق طريق إلى هذا المبيع يتوصل إليه إلاّ الوصف. وأمّا النكاح فإنه لا يشترط فيه الصفة كما لا تشترط الرؤية فلا يصح إلحاقه بالمبيعات ائتي لا تصح إلاّ بالرؤية أو الصّفة.
وعلى هذا الأسلوب يجري بيع الأعمى وشراؤه فإنّه إن عمي بعد أن كان أبصر أجناس المبيع وصفاته حتى يتخيّله بالوصف كما يتخيّله بالبصر فان عقده جائز.
وإن كان خلق أعمى فإنّ أبا جعفر الأبهري منع عقده في المبيعات لكونه لا يتخيّل الموصوفة يحل (?) الوصف. وأجازه القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب تقريرًا منه أن الوصف قد يتصوّر فيه الموصوف على الصّفات الّتي يرغب التجّار فيها ويزهدون فيها.
والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:
أمّا خيار الرؤيّة فلا يخلو من قسمين إمّا أن يثبت حكمًا أو يثبت شرطًا.
فأمّا إثباته حكمًا فلا شكّ في أنّ المبيع إذا وجد مخالفًا للصفة الّتي وقع العقد عليها فإنّه غير لازم للمشتري، وله ردّه على البائع، كما يردّ المبيع بعيب اطّلع عليه لم يبيَّن له حين العقد، لكونه خلاف ما دخل عليه. وأمّا إن وجد المبيع الغائب مطابقًا للصفة التي وصف بها فإنه لا خيار للمشتري لأنّ الوصف يحلّ محلّ المعاينة، كما وصفنا، وإذا لم يكن له خيار بعد أن عاين فلا خيار له إذا أخبر ووَجد المخبرَ عنه على ما هو عليه مِمّا تضمّنه.
وذهب أبو حنيفة إلى أنّ للمشتري خيار الرّؤية، كما قدّمناه عنه، لأجل أن الوصف يقصُر عن العيان فلا بدّ لهذا التّقصير من تأثير. ففقد العين المبيعة يؤثر منع العقد على البيع، والتقصير في الوصف يفيد نفي اللّزوم، لأنّ الوصف تابع للعين، فإذا أفاد فقدُ الأصل منعَ العقد وجب أن يكون فوت بعض الوصف وهو ما قصر عن العيان يعيد نفي اللّزوم، حتى يكون التّابع أفاد نفي اللزوم، والمتبوع