وقد ذهب بعض أشياخي إلى أن الوكيل إذا بين لبائع السلعة أنه يشتري شراء وكالة، وأن الدنانير التي يدفعها للموكل فإنه لا تتوجه على الوكيل غرامة إن أخذت الدنانير من يد البائع, لأنه قد بين حين العقد أن العقد لغيره، وأن الثمن لغيره.
وهذا الذي ذهب إليه بعض أشياخي قد ذكره أبو حامد الاسفرائيني من أصحاب الشافعي، وفصل فيه هذا التفصيل من كون الوكيل لا تتوجه عليه غرامة، إذا بين حين العقد أن الشراء للوكيل، والدنانير له، على حسب ما قاله بعض أشياخي. بخلاف أن لا يبين ذلك حتى تجب عليه المطالبة بالثمن من ذمته، وتتوجه عليه الغرامة. فإذا كان ابن المواز أراد هذا الوجه، وهو الذي صورناه من كون الوكيل لا تتوجه عليه غرامة إذا استحق الآمر للدنانير ارتفع ما عارضه به الشيخ أبو إسحاق من كون الغرامة تتوجه عليه مع قيام السلعة، فيجب أن يصدق. ولو شهدت البينة بأن الدنانير التي اشترى بها الوكيل للآمر، ولكن البينة لم تعلم الجنس الذي أمره به، لصُدّق الآمر وقضي له بارتجاع الدنانير. ثم تتعلق في مطالبة البائع للوكيل بها، على حسب ما قدمناه. فإن نكل الآمر مضى العقد، ولم يلزم الوكيل يمين فيها (?) يقبل فيه قوله ها هنا, لأنه إذا كان القول قوله فله أن يرد اليمين على الآمر، فإذا ردها ها هنا، وجد الآمر قد نكل، ونكوله يمنع من تعلق هذه اليمين.
وعلى هذا الأسلوب يجري الأمر في اختلاف الوكيل والموكل في مقدار الثمن المأمور به. مثل أن يقول الآمر: أمرتك أن تشتري له بأربعين. ويقول المأمور: أمرتني أن تشتري بخمسين. فإن مطرفًا ذكر أن القول قول الآمر.
وعلى الطريقة الأخرى، القول قول المأمور لما يتوجه عليه غرامة العشرة الزائدة على حسب ما بيناه.
ولو كان هذا الاختلاف فيما لا تتوجه على الوكيل فيه غرامة من العقود.