شرح التلقين (صفحة 2080)

مثل أن يوكل رجل رجلًا على عقد نكاح له، ويختلف الوكيل والموكل في مقدار الصداق الذي وكله عليه، فإن القول قول الموكل ها هنا لأنه هو الذي يقبض المثمون، الذي هو البضع، وهو الذي يدفع الثمن. بخلاف البياعات، فإن الوكيل له قبض الثمن ودفع المثمون. لكن لو تُصوِّر في عقد النكاح بوكالة غرامة الوكيل، مثل أن يدفع الوكيل للزوجة الصداق من عنده سلفًا للموكل، فإنه ها هنا تتوجه عليه غرامة إذا صدق الآمر. لاعترافه بأن الزوجة قبضت منه الصداق الذي جحد الزوج بعضه بوجه جائز، وأنه لا يحل للزوج أخذ ذلك منها ولا جحوده لها.

ومذهب الشافعية من هذا الأصل الذي ذكرناه من اختلاف الوكيل والموكل، في مقدار ما أُمر الوكيل أن يشتري به، أن القول قول الآمر. لأنه لو أنكر أصل الإذن لقبل قوله، فكذلك يقبل قوله في تفصيل الإذن وصفته.

وكذلك قاسُوا ذلك على أن الزوج لما كان القول قوله في أنه لم يوقع طلاقًا، فكذلك يكون القول قوله في عدد الطلاق الذي أوقع إذا ادعت عليه الزوجة أكثر مما أقر به من عدد الطلاق، والأصل ثبوت العصمة، فيجب أن يصدق الزوج في مقدار ما أحدثه في العصمة كما يصدق في أنه لم يحدث فيها شيئًا. وها هنا إذا صدق الآمر فيما يُلزم الوكيل غرامة، وقد ائتمنه على التصرف له، كنا ألحقنا بالوكيل ضررًا وغرامة بدعوى الآمر عليه.

وعلى هذا القياس جرَوْا في رجل أمر رجلًا أن يشتري له عبدًا بألف دينار فقال الوكيل: قد فعلت. وقال الموكل: لم تشتره إلا بثمانمائة، فإن القول قول الموكل لما كان مصدقًا في إنكار أصل الإذن. فكذلك يجب عندهم أن يصدق في تفصيله.

وذهب أبو حنيفة إلى أن الموكل إن كان قد سلم الألف إلى الوكيل فإن الوكيل يقبل قوله فيما زعم أنه اشترى بالألف لكون الموكل ها هنا يطلب عليه غرامة (الوكيل بعض) (?) ما دفع إليه وائتمنه عليه. وإن كان لم يدفع الألف إليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015